مكبلون بالماضي

مكبلون بالماضي

مكبلون بالماضي

 صوت الإمارات -

مكبلون بالماضي

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

لوجدان الفلسطيني لم يزل مكبلاً بالماضي، وقد استطاعت ثلة من المبشرين أن ترسخ قناعات أشبه بالصدأ في عقول البسطاء، وأن تشيع جنازة الحقيقة في نعش الأكاذيب، وأن تجدف باتجاه خيالات، وصور وهمية، وذلك بهدف إبقاء القضية الجوهرية رهن المزايدات، والمقايضات، والمراهنات، وليظل الشعب المسكين سجين مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان.
اليوم أصبح الإنسان الفلسطيني المغلوب على أمره يعاني من هذه الكتل الضخمة من الشعارات، أكثر مما يعانيه من الاحتلال، ولكن من خسر إرادته لا يستطيع أن يحمل وزر قضية بحجم القضية الفلسطينية، والتي تحتاج إلى عزيمة غير مثقلة بالأفكار المسبقة، وإلى عقل لم يلوثه ضجيج الخطابات ذات الأسطوانات المشروخة، وإلى نفس مطمئنة لم يكدرها التخويف، والتخريف، والتحريف، والتجريف، ولم يغدر بها كائن خرافي اسمه «الجهاد». و«الجهاديون» أنفسهم يتزاحمون طوابير عند عتبات دول سوقت أجنداتها بقدرة قادر، واستطاعت أن تلون عباءتها السوداء، بلون رضاب الثعالب، وتكتسي بثياب الملائكة.
عندما نتابع المشهد الفلسطيني المصاب بالعصاب القهري، نتيقن أن القضية بحاجة إلى زمن كي يخلع هؤلاء قمصان الخديعة، ويكونوا كبشر ينعمون بالعقل الطبيعي، ولا تغشيهم غاشية العصبية الجاهلية، والتي تقوم في الأساس على شعر الهجاء، والتيه في صحراء المبادئ الخاوية، والذهاب في الوعي إلى مناطق مدلهمة كالحة، معتمة.
حقيقة لا نغضب من تصرفات الجاهلين، بل نشفق على أحوالهم، مقتنعين من أن أمثال هؤلاء مرضى، ولا مكان لهم إلا المصحات النفسية، لا نغضب منهم بل ننزعج من جنونهم، وهو الذي سيردي بهم في ويلات الاحتلال الأكثر فجاجة، وسماجة.
هؤلاء هم أهلنا، ولكنهم ضلوا طريق السواء وانساقوا وراء ممثلين يجيدون فن الدراما السياسية، ويعتنقون أدوار التراجيديا بشكل مزرٍ، ومغرٍ في آن واحد، هؤلاء تستلذ عقولهم وهم يرون الفلسطيني يطرد من بيته، لأنه قذف بزجاجة «مولوتوف» في الفراغ، ولم يصدر عنها سوى دخان مراحل النضال المؤجلة! هؤلاء تستريح نفوسهم عندما يقتل شاب في مقتبل العمر، لأنه طعن إسرائيلياً، ومن دون (جروح) تذكر، هؤلاء يعشقون الدم كما تعشق البعوضة رائحته.
ولكن برغم كل هذا الجور، فإن هناك في الطرف الآخر من النهر، يقف شرفاء لن تنام أعينهم إلا بكشف الحقيقة، والحقيقة لا تكشف إلا بالقلوب الصافية النقية، التي تحمل فلسفة الحب، وخلاصة التعايش مع الآخر بسلامٍ ووئام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مكبلون بالماضي مكبلون بالماضي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل

GMT 12:22 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق اختبارات مسابقة "جولدن سينجر" للمواهب

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 23:40 2017 الجمعة ,24 شباط / فبراير

إكسسوارات تمنحك الهدوء والراحة في غرفة النوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates