العميد والعقاد

العميد والعقاد!

العميد والعقاد!

 صوت الإمارات -

العميد والعقاد

بقلم : محمد أمين

شاهدت حلقة قديمة فى التليفزيون، تقدمها المذيعة الرائعة ليلى رستم، وكان ضيفها الدكتور العميد طه حسين، وحاورته فيها نخبة من كبار الأدباء والمثقفين فى زمانه، وهم يوسف السباعى، ثروت أباظة، أمين يوسف غراب، عبدالرحمن الشرقاوى، نجيب محفوظ، محمود أمين العالِم، أنيس منصور، كامل زهيرى، عبدالرحمن صدقى، عبدالرحمن بدوى، وأعد الحلقة للتليفزيون الكاتب الكبير أنيس منصور!.

هل رأيتم برامج الآن بهذا الشكل وهذا الإعداد؟.. وحكى أنيس عن كواليس الحلقة، فقال إن تصوير الحلقة كان فى منزل العميد بالهرم.. وقال منصور إنهم قبل دخول منزل طه حسين، كان جميع الضيوف يقفون فى حديقة المنزل، وتبللت أحذيتهم، وبعد دخولهم أشارت زوجة عميد الأدب العربى إليه بأنهم عنفوا بأرضية المنزل «السجاد»، فقال «حسين»: «يا أنيس لا تعنفوا بالمنزل»!.

وكان العميد قد اتفق على عدد معين من الضيوف مع المعد أنيس منصور، فزاد العدد أثناء الترتيب للحلقة، فسكت طه حسين باعتبارهم ضيوفه وقد وصلوا إلى منزله والسلام!.

قبل هذه الحلقة كان أنيس منصور قد أعد حلقة سابقة مع الأديب الراحل عباس العقاد وتقاضى ٢٠٠ جنيه، فقبل تصوير حلقة عميد الأدب العربى، طلب من أنيس منصور أن يحصل على أعلى أجر، وسأل عن أجر عباس العقاد مقابل ظهوره فى الحلقة السابقة، فأجاب «منصور»: «إننا سنرسل لسيادتك مائة جنيه زيادة عن المائتين.. أثناء تصوير الحلقة، قال عميد الأدب العربى، حسبما حكى أنيس منصور: «يا أنيس نُذكرك، فلا تنسى»، فى إشارة إلى المائة جنيه الإضافية!.

وهكذا تمت الحلقة على خير، وبعد انتهاء الحلقة، نُشر خبر فى جريدة الأخبار أن «العقاد» حصل على مبلغ ٣٠٠ جنيه مقابل ظهوره فى برنامج «نجمك المفضل»، ووضع كاتب الخبر علامة تعجب فى نهاية الخبر، ما أثار غضب عباس العقاد، الذى هاتف «منصور»: «لِمَ العجب يا مولانا؟»، فاستغرب «أنيس» من المكالمة، واستفسر من «العقاد» عن غضبه، فقال له: «كاتب الخبر يا أنيس يستعجب من أننى حصلت على ٣٠٠ جنيه مقابل الحلقة، أنا أستحقها، فقد قرأت خمسين ألف كتاب»!.

تخيل كيف كانت الدنيا فى ذلك الزمان؟.. وكيف كان كل أديب يقدر نفسه بالنسبة للآخرين؟.. وكيف كان يقرأ ما يُكتب عنه لدرجة أنه يغضب من علامة تعجب، ويسأل عن واضعها وأسباب وضعها.. ولو أنا وضعت علامة تعجب الآن فسأضعها على البرنامج والضيوف والمذيعة والمُعِدّ، فكلها قامات أدبية بحجم دولة، فنجيب محفوظ بقامته لا يسأل العميد قبل أن يقول: يا سيادة العميد.. وكل واحد من الضيوف يقف مرتبكًا قبل الحلقة، ربما يختصر العميد عدد الضيوف، فلا يكون هو منهم!.

وأخيرًا، فالمُعِد هو أنيس منصور الذى يسترضى العميد، ويخاف على علاقته به، فالعميد يعرف أن أنيس عقاد الهوى ومنحاز له، وربما ميّزه، فيقول أنيس: سأرسل لك مائة جنيه إضافية على أجر العقاد.. كانت أيام الهوى والثقافة والأدب!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العميد والعقاد العميد والعقاد



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates