خسارة العرب في ثلاثة أرباع قرن

خسارة العرب في ثلاثة أرباع قرن!

خسارة العرب في ثلاثة أرباع قرن!

 صوت الإمارات -

خسارة العرب في ثلاثة أرباع قرن

بقلم : محمد الرميحي

الموضوع شائك، فقد خسر العرب زمناً ثميناً بسبب وعي كاذب استقر في عقول النخب أو في كثير منها، ومع الأسف هذا الوعي الكاذب لا يزال مؤثراً إلى اليوم وعنوانه "المزايدة الثورية". ذاك ليس كلاماً مرسلاً، بل حقيقة مشاهدة. فقد قدمت لنا محطة "العربية" التلفزيونية سلسلة من اللقاءات قام بها طاهر بركة مع كريم التميمي الذي كان وزيراً بعثياً في العراق، تثبت مما قال وآخرون، وهو أمر معروف في تاريخ العرب المعاصر، أن الشعار يُرفع للمغفلين والسّذج، أما ما يبقى في الأرض فهو عناق السلطة بأي ثمن!

القصة معروفة، وهي توقيع أحمد حسن البكر اتفاقاً مع حافظ الأسد على وحدة البلدين، العراق وسوريا، على أن تستكمل الخطوات في وقت لاحق، ووصل بعد ذلك صدام حسين إلى الحكم في العراق، والحكم عزيز والتفريط به غباء، فقرر أن ينهي ذلك الاتفاق بطريقة دراماتيكية، فدان، كخونة، كل من سار من "الرفاق" في طريق فكرة الوحدة وحاكمهم من خلال دموعه (دموع التماسيح) في قاعدة الخلد المشهورة، وأطلق على صدورهم الرصاص، أيضاً وهو يبكي!

نحن الآن أمام حزب صدع العالم المحيط بمقولة "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" وكل أدبيات "البعث" التي هي في الغالب أدبيات هزيلة منقولة من الفكر القومي الشوفيني الغربي بركاكة، ككتابات ميشال عفلق وآخرين كانت تشدد على "أمة عربية واحدة". ما يهم أن تلك الشعارات ضرب بها عرض الحائط، إذ تناقضت مع السلطة، السلطة "الثورية" هي الأهم في كل مكان!

طوال فترة الثلاثة أرباع القرن الماضي طغت مصطلحات "الثورة" و"الثورية" و"قيادة الثورة" إلى آخر المصطلحات التي تحمل ذلك الاسم، على معظم الساحة العربية السياسية، كلها مفرغة من محتواها، ولم يبرز مصطلح "الإصلاح"، وهو الأحق، على سطح العمل السياسي العربي حتى الساعة. الإصلاح هو العناية بشؤون الناس وتنمية المجتمع وسيادة القانون والأمن والسلام، أما الثورة فهي ترخيص بالعزل والحرمان والقتل باسم الوطن وفي بعض الأوقات باسم الرب!

لقد قادت تلك الشعارات إلى دمار، فهي تجاوزت الواقع إلى مكان خيالي مستحيل تحقيقه.
تم في خضم الفورة الثورية اندماج مصر وسوريا، وما لبثت الوحدة أن انفرطت، لأن الدولة الوطنية، وهي حقيقة، تم تجاوزها قسراً، وفرط اتفاق الرأسين البعثي، للسبب نفسه، ودخل اليمن في أزمات أيضاً بسبب ارتباط الجنوب بذيل الشمال من جديد تجاوزاً للدولة الوطنية، وهي الحقيقة الملموسة. ليس ذلك فقط، بل انفرطت كل الاتفاقات الوحدوية في بلدان الشمال العربي الأفريقي واحدة بعد أخرى، وحل محلها مع الأسف، ليس الوفاق، بل العداء. حتى في لبنان انتفض معظم الشعب اللبناني ضد وجود "الإخوة الأعداء" السوريين!

ما تقدم ليس تأريخاً، بل إن كثيراً منه معيوش، فها هي الثورة الإيرانية تمد سلطتها إلى العراق ولبنان وسوريا واليمن وتحاول في أماكن أخرى تحت شعار ليس بعيداً عن "أمة واحدة"، وهذه المرة "ثورة إسلامية واحدة"، وهو من جديد شعار يشيع وعياً كاذباً تنقضه الوقائع.

فتح شعار "إسلامية واحدة" أو بمصطلح آخر "وحدة الساحات" وتم تشجيع "حماس" على تجاوز النصيحة الذهبية وهي "أنت فقط تربح الحرب عندما تتجنبها"، فحصل ما حصل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وأدى إلى مقتلة فظيعة ومأساة إنسانية من جانب عدو متوحش.

في الحقيقة أن إيران اتبعت، من دون أن يعلم الجانب التابع لها من العرب، قاعدة "تربح الحرب عندما تتجنبها" وتركت جثث القتلى في كل مكان على أرض العرب.

لقد صدق البسطاء من متخذي قرار الحرب "وحدة الساحات" كما صدق من قبلهم كثير كاسح من السذج "أمة عربية واحدة" أن الدولة الراعية سوف تدخل الحرب معهم، وتبين أنها تطبق "اذهب أنت وربك فحاربا" نحن هنا ننتظر الفوائد فقط!

مرحلة الثورة تشبعت اليوم، وكل من يرفع شعارها العابر للأوطان هو بصريح العبارة خائن أو على الأقل مغرر به وصاحب وعي كاذب. من هنا فإن كل شعار في منطقتنا يتجاوز حدود الوطني هو عمل خياني بامتياز، لأنه يضحي بمصالح أهله في سبيل مصالح أخرى خارج الحدود.

مما تقدم يبدو أن شعار الإصلاح هو الأقرب إلى المصالح الوطنية، وهو شعار لم يرفع وليس له مريدون كثر، أما نتائج شعارات الثورة البالغة الوضوح أمام أعيننا، فقد خربت الأوطان، من عراق وسوريا "البعث"، إلى ليبيا القذافي، إلى سودان البشير، إلي يمن الحوثي، إلى لبنان والحزب التابع. كلها من دون استثناء خلفت مصائب إنسانية واقتصادية وسياسية بعضها يحتاج إلى عقود لإصلاحه!

ولو نظرنا إلى الخريطة العربية، شرقها وغربها، لوجدنا أن من أصابتهم لوثة الثورة تدهورت عملتهم وزاد القتل والنفي، وتراجع اقتصادهم وأصبح الإنسان لا قيمة له، في وقت أن الدول التي تم فيها إصلاح نسبي تفادت تلك الكوارث.

مطلب الإصلاح هو ما يجب أن يُرفع كشعار، لأنه الأصلح للشعوب والأفضل للسلام الاجتماعي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خسارة العرب في ثلاثة أرباع قرن خسارة العرب في ثلاثة أرباع قرن



GMT 01:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 01:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 01:29 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الرئيس المنتخب أم الفوهرر ترمب؟

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة بدأت في الرياض

GMT 01:28 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مسعَد بولس بعد وعود ترمب

GMT 01:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

GMT 01:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أولوية مشروع الدولة!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013

GMT 07:41 2013 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

بدء المرحلة الثانية من مساكن "وادي كركر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates