القمة الخليجية في الكويت

القمة الخليجية في الكويت

القمة الخليجية في الكويت

 صوت الإمارات -

القمة الخليجية في الكويت

بقلم : محمد الرميحي

ترحب الكويت غداً بالقمة الخامسة والعشرين لمجلس التعاون الخليجي، فبعد نيف وأربعين عاماً ما زالت هذه المسيرة الخيرة، على تعاقب القادة، مستمرة في التلاحم والعطاء وتجنب المخاطر.

في تلك الأيام الأخيرة من آخر العقد السابع الميلادي ومطلع العقد الثامن، مرت المنطقة بمنعطف سياسي عميق هز أركان الإقليم، ثورة في إيران، وحرب شعواء بين العراق وإيران، وتهاون دولي في الحفاظ على أمن الإقليم الخليجي، فأحييت الهاجس القديم الذي عمل عليه الآباء في جمع أبناء المنطقة في حيز يجمعهم دفعاً للمكاره، فكانت فكرة مجلس التعاون الذي عمل عليه أصحاب رؤية وفكر استباقي، بعد دراسات واستشارات مكثفة، أعلن في مدينة أبوظبي في الخامس والعشرين من مايو (أيار) 1981 حيث إنشاء هذا التجمع الإقليمي، والهدف تجنيب الإقليم الانزلاق إلى ما لا يُحمد عقباه، لم يكن الطريق سهلاً، كما في أي تجمع إقليمي، ولكن بعزيمة القادة وصدق نياتهم بدأت مسيرة خيرة.

قد يرى البعض المتحمس أن هناك بعض النقص في الإنجاز، ولكن الواقع أن التجمع الخليجي قد تخطى عقبات وأزمات كبرى، في شرق أوسط موبوء بالأزمات ربما لم يكن بالمستطاع تخطيها فرادى، منها على سبيل المثال، الحرب العراقية الإيرانية وتداعياتها، وبعد ذلك الاحتلال العراقي الغاشم للكويت، فكان التكاتف هو رافعة استند عليها من قمة الدوحة 1990 الخليجية، إلى القمة العربية في القاهرة، ومن ثم إلى مجلس الأمن، ثم جاءت شرارات ما عُرف بالربيع العربي، فتخطته دول مجلس التعاون بنجاح، ثم جائحة كورونا، ومن بعدها حرب ضروس في غزة ولبنان. وعلى الصعيد العالمي انهيار الاتحاد السوفياتي والأزمة المالية عام 2008 وقد اعترف العالم بهذا التجمع الإقليمي، فتم لقاء قمة أوروبية خليجية في بروكسل منذ أسابيع خلت، وهو تطور كان الأوروبيون لفترة يرغبون في التعامل فرادى بين مكوناته، ولكنهم اقتنعوا بصلابة المجلس، وقدرته على اتخاذ قرارات جماعية، كما لعبت عواصم الخليج دوراً محورياً في تجميع الخيرين للسلام والتنمية.

ويأتي الاجتماع غداً في الكويت مكملاً للمسيرة، ضابطاً إيقاعها، مقدماً الخير المشترك وعلى رأسه أمن المنطقة واستقرارها.

حقق المجلس عدداً من النجاحات على الصعيد الاقتصادي، لم يكن الخبراء يشكون في نجاحها إلا أنها تأخرت عاماً بعد آخر، حتى طبقت، بعد التطبيق وجد الجميع أن نتائجها باهرة، والمثال الأوضح هو الاتحاد الجمركي، الذي نقل التبادل التجاري بين المشاركين من خانة الملايين من الدولارات، إلى خانة المليارات، وأيضاً نجح المجلس في ربط الشبكة الكهربائية، ووضع خطط للربط المائي، وإقامة منطقة حرة للمجموعة، وتحقيق جزء غير يسير للوصول للمواطنة الاقتصادية، إلا أن الاتحاد النقدي، الذي جرى الحديث عنه مبكراً، ما زال ينتظر الإنجاز، على ما يحمل من أهمية قصوى لتطوير الاقتصاد المشترك.

ما زال التوحيد والتقريب للبيئة التشريعية والبيئة الإدارية مطلباً ملحاً، ومع تطور الرقمنة فإن الوصول إلى ذلك التوحيد أصبح أيسر وأقرب إلى المنال من أي وقت سابق.

التخفيف تدريجياً من الاعتماد على الدخل النفطي وتنويع الاقتصاد الهم الأكبر للقيادات وللنخب في الخليج وتنويع مصادر الدخل، وفي الذهن تجارب عالمية تطور اقتصادها على مصدر واحد، ثم تراجع، والتهديد ثنائي، فأولاً إنتاج الطاقة البديلة بكفاءة اقتصادية، وثانياً في قوانين المناخ الدولية، مما يقلل الاعتماد على الطاقة النفطية في المستقبل، بعض دول الخليج استطاعت أن تتحرر جزئياً من الدخل الوحيد (النفط) عن طريق تنويع النشاط الاقتصادي، إلا أن هذا الهاجس ما زال في ذهن القيادات والنخب في دول الخليج يحتاج إلى جهود.

ليس أهم من التعاون العلمي، فالعالم يدخل في فضاء جديد اسمه (اقتصاد المعرفة)، فالعلم والمعرفة والثقافة بجانب أهميتها بحد ذاتها، فهي أيضاً رافعة اقتصادية ليس بالإمكان تجاهل أهميتها، ولا يستطيع مراقب محايد أن يتجاهل النهضة العلمية والمعرفية في دول الخليج التي أصبح إنتاجها العالمي يضاهي دولاً أكثر كثافة سكانية، إلا أن هذا القطاع يحتاج رغم التقدم فيه إلى جهود منظمة لتجويده، لأن رأس المال البشري هو أساس أي تقدم اقتصادي.

أما التحديات التي تواجه المجلس فلم تعد خفية، في زمن يزداد فيه هامش عدم اليقين، فليس خافياً طموحات قوى إقليمية في التوسع والسيطرة، كما ليس بخافٍ اتساع الأدلجة السياسية وتكريس الاستقطاب وإذكاء التعصب، وأي خلل في التعامل مع هذه الملفات يعني تسهيل اختراق النسيج الاجتماعي في هذه الدول، وتعريض الأمن الوطني الخليجي للخلل.

أمام اجتماع الكويت ملفات سهر على دراستها خبراء من الدول المشاركة في المجلس، وهي ملفات إن أنجزت يكن المجلس قد خطا خطوات للأمام، وخاصة في حفظ مصالح الدول وتجنيبها المخاطر.

آخر الكلام: وضع وقت زمني لتنفيذ القرارات المتفق عليها له أهمية في هذا الزمن المتسارع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة الخليجية في الكويت القمة الخليجية في الكويت



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates