بقلم: عبد المنعم سعيد
لا أدرى لماذا لم تترك أرض المعارض فى شارع صلاح سالم ذات الأثر الفكرى الذى تركته أرض معارض جزيرة الزمالك، اللهم إلا من ذكرى جرت فى أخريات الحياة السياسية للرئيس مبارك. كنت وقتها رئيسا لمجلس إدارة الأهرام وكان معرضها كما هو الآن يشكل علامة من علامات معرض الكتاب، وكان د. وحيد عبد المجيد مشرفا على مركز الأهرام للترجمة العلمية والنشر والمسئول عن المعرض. وصلت إلى هناك لانتظار الرئيس عند افتتاح المعرض الذى كان من تقاليده أن تكون الأهرام فى المقدمة من الأماكن التى يزورها؛ ولكن المفاجأة كانت إبلاغى بأن الرئيس لن يمر بنا. لم يكن هناك سبب معلوم لهذا التغير أكثر من القسمة والنصيب، وهو الأمر الذى كنت مصمما على تغييره، وبعد التشاور مع زميلى استقر الرأى على أن نتصرف وفقا للتقاليد القديمة وندعو الرئيس إلى معرضنا ولكن المعضلة باتت: ما هو الكتاب الذى سوف نهديه له؟ وجدنا ضالتنا فى قضية كانت وقتها ولا تزال تشغل بال مصر حتى الآن وهى «النيل»، حيث كان لدينا كتاب رائع مصور عن النيل منذ العصور الفرعونية. فعلت ما انتوينا عليه حيث تقدمت إلى الرئيس فكان مرحبا، وبعد إشادة بمقالات د. وحيد عبد المجيد أعطيت له الكتاب شارحا ما فيه حول الأهمية الكبرى للنيل وما يثار حوله من أزمة. جاء تعليق الرئيس أننا فى الصحافة والإعلام نبالغ، لأن للدولة طريقتها فى التعامل مع الموضوع وسردها فى همس.
بالطبع لا توجد هنا نية لسرد ما ذكره الرئيس، ولكن الإشارة للمناسبة تظل قائمة وهى أن قضية النيل كانت وسوف تظل من أهم قضايا مصر الحيوية، ليس فقط للخلاف حولها مع إثيوبيا التى قامت بسد لم تراع فيه تقاليد وقوانين الأنهار، ولكن لأن الخروج على احتكار النيل للحياة المصرية ظل قائما فى كل العصورحتى جاء العصر الحالي، لكى يأخذ بيد مصر والمصريين من النهر إلى البحر.