بقلم: سليمان جودة
عرفت القطب الوفدى سعد فخرى عبدالنور، عم الوزير منير فخرى عبدالنور، وإبن القطب الوفدى الأكبر فخرى عبدالنور.
والذين قرأوا مذكرت فخرى عبدالنور يعرفون مدى حبه لسعد باشا زغلول، ومدى إيمانه بالوفد ليس كحزب بالمعنى المتعارف عليه.. فالوفد ليس حزبا بالمعنى التقليدى للحزب السياسى، لكنه مظلة جامعة لكل المصريين دون تفرقة بين أى واحد منهم وبين آخر على أى أساس.
ومن الواضح أن الأب فخرى قد سمّى ابنه سعدا على سبيل الإعجاب الذى هو بلا حدود بسعد باشا، فلما أنجب سعد فخرى ابنه الأول سمّاه يحيى، وكان القصد أن أحدا إذا ناداه أو كتب اسمه فسوف يكون هكذا: يحيى سعد.. أو بمعنى أدق: يحيا سعد.. فالنطق الصحيح لاسم يحيى هو بفتح الياء الأولى فيه لا بكسرها كما نفعل فى لهجتنا العامية.. وقد عشق المصريون سعد باشا إلى هذا الحد، ولم يكتفوا بأن يهتفوا له فى حياته «يحيا سعد» لكنهم أطلقوا على أبنائهم ما يضمن أن يظل هذا الهتاف يتردد حتى بعد رحيل الزعيم الكبير فى 1927.
عرفت سعد فخرى عبدالنور قطبا وفديا يؤمن بالوفد ومبادئه المضيئة إلى حد اليقين، ومن خلاله سمعت الكثير عن الأب، وبالطبع عن سعد باشا الذى كان الأب رفيقا له فى النضال السياسى الذى لم يكن يتوقف إلا بتوقف الحياة.. وكان سعد فخرى صاحب ذائقة فنية عالية، وكثيرا ما كنت أطلبه فى وقت الظهيرة فأعرف منه أنه يقضى ساعته اليومية فى سماع الموسيقى.
أما سعد باشا فهو حكاية كبرى، وهو الذى جعل الناس يقولون إن الوفد لو رشح حجرا فى أى دائرة انتخابية فسوف ينتخبونه وسوف يعطونه أصواتهم!.
ومما ذكره الدكتور محمد حسين هيكل باشا فى مذكراته أن مواطنا مصريا ذهب بزوجته الحامل إلى الطبيب ذات يوم، فلما وضع الطبيب سماعته على بطن السيدة راح يسمع ما تنقله إليه السماعة فى دهشة، فلما سأله الزوج عن سبب الدهشة قال إن الجنين يهتف فى بطن إمه ويقول: يحيا سعد!.
طبعا هى قصة خيالية، لكنها لا تخلو من معنى، ومعناها أن المصريين لم يحبوا رجلا كما أحبوا سعد باشا فى زمانه.. وإلى جوار قصة الجنين والهتاف بحياة سعد شاعت حكاية أخرى فى تلك الأيام، وكانت تقول إن الفلاحين المصريين كانوا إذا زرعوا الفول وجدوا عبارة يحيا سعد محفورة بالطول على كل قرن فول!.
أما دستور سعد باشا فى حياته فكان فى عبارة أطلقها وعاشت من بعده وسوف تعيش.. قال: «يعجبنى الصدق فى القول، والإخلاص فى العمل، وأن تقوم المحبة بين الناس مقام القانون».