بقلم: سليمان جودة
يشغل جيك سوليڤان منصب مستشار الأمن القومى فى إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، وهو واحد من ثلاثة أو أربعة تتحرك بهم هذه الإدارة فى أنحاء العالم، ولايزال هنرى كيسنجر أشهر الذين تولوا هذا المنصب فى الولايات المتحدة.. وفى الغالب يُشار إلى شاغل منصب مستشار الأمن القومى على أنه عقل الرئيس.
وقبل أيام كان سوليڤان يتحدث فقال كلامًا كثيرًا، ولكن عبارة واحدة جاءت على لسانه يمكن النظر إليها على أنها عنوان لسياسة جديدة من جانب بلاده تجاه أوكرانيا.. أما العبارة فهى «تقاسم الأعباء» بين أمريكا وأوروبا.
وفى فترة ما بعد الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، كان الناس يتهامسون بأن حماس الولايات المتحدة لدعم الأوكرانيين فى حربهم مع الروس لم يعد كما كان فى البداية، ومع الوقت تحول الهمس إلى حديث علنى وصريح فى الإعلام.. وكان بايدن قد تقدم إلى الكونجرس يطلب الموافقة على ١٠٦ مليارات دولار مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، ولكن الكونجرس رفض ولايزال يرفض رغم مرور وقت طويل على طلب الرئيس.
وفى آخر زيارة للرئيس الأوكرانى إلى واشنطن عاد منها خالى الوفاض، ولم يستطع الحصول على شىء مما كان قد ذهب يطلبه.. وفى الزيارة التى قام بها المستشار الألمانى أولاف شولتز إلى العاصمة الأمريكية قبل ساعات، كان قد ذهب يسأل عن سبب عدم الحماس الذى طرأ على موقف بلاد العم سام تجاه أوكرانيا، بعد أن كان الحماس يُشعل الدنيا فى البداية.
وسط هذا كله وسواه تأتى عبارة جيك سوليڤان لتضىء القضية فى بعض جوانبها، وتقول إن على أوروبا أن تتقاسم العبء مع بلاده، وهذا فى الحقيقة هو ما يخيف المستشار شولتز، لأن الجانب الأكبر من الدعم الأوروبى لأوكرانيا يقع على ألمانيا.
وربما كان هذا هو الذى جعل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يقول فى حديثه مع المذيع الأمريكى تاكر كارلسون، إن روسيا سوف تتوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا عاجلًا أو آجلًا!.. والحديث نشرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأخبار يوم الجمعة ٩ من هذا الشهر.. ومن قبل كان بوتين قد مهد لذلك فقال إن أوكرانيا ليست عدوًا فى المطلق!
والغالب أن اتصالات من وراء ستار تجرى بين كل الأطراف، أو بين الأمريكيين والروس تحديدًا، لأن هذا التحول لا يمكن أن يتم عشوائيًا، ولا من الممكن أن يكون نبت شيطان.