بقلم : منى بوسمرة
الهدف ثابت، لم يتغير، والأحلام تكبر كل يوم، وإن تأجل إطلاق مسبار الأمل إلى المريخ لأسباب مرتبطة بحالة الطقس في اليابان، حيث قاعدة الإطلاق، وليس ببرنامج ومنظومة المهمة، والإرادة لم تتراجع، بل تزداد العزيمة والإصرار على إكمال المهمة.
لن نتحدث عن التأجيل، فهو أمر وارد أن يتكرر مرة أخرى، مثل أي رحلة فضائية نفذتها دول كبرى لنفس الأسباب، فالتأجيل ضمانة نجاح ولا تعني أي شيء آخر، فمهمة بهذا الحجم والدقة لا يمكن المغامرة فيها، وهي علامة سيطرة وإنجاز، إضافية مثل عملية نقل المسبار من دبي إلى اليابان، في الوقت الذي يكافح فيه العالم جائحة فيروس «كورونا».
والمشهد الذي تابعناه أمس، يعلن حجم الإرادة والدعم الذي تتلقاه هذه المهمة التاريخية من القيادة، وما حديث محمد بن راشد ومحمد بن زايد وحمدان بن محمد مع الفريق الوطني المشرف على إتمام الرحلة، إلا تأكيد على أن المهمة التي حققت الجزء الأهم منها حتى الآن بنشر ثقافة العلم وصناعة العقول، ماضية نحو الكوكب الأحمر، لأن خلفه القيادة وكل شعب الإمارات.
نعم، هي نقطة تحول تاريخية في المسيرة العلمية للإمارات والعرب، كما قال محمد بن راشد، فبعد تأهيل المئات من شباب الوطن لتنفيذ الرحلة بالكامل التي بدأت قبل ست سنوات، يتدافع الشباب العرب إلى برنامج نوابغ الفضاء، الذي أطلقه محمد بن راشد، حيث وصل عدد طلبات الالتحاق بالبرنامج في فترة قصيرة إلى 37 ألف طلب، والقصد أن تلك الرؤية الهادفة لبناء الإنسان تؤتي ثمارها مبكراً لإعادة العرب لاستئناف الحضارة والمشاركة الإيجابية في تقدم البشرية، أي أن المهمة نجحت في بناء الإنسان واستنهاض روح الشباب ورعاية مواهبهم ودفعهم للإيمان بقدرتهم على تحقيق المستحيل.
فمع مسبار الأمل تجددت العزيمة بروح مختلفة، والطموحات تعلو وشباب الوطن والعرب يدخلون سباق العقول العالمي، والإمارات تحدد أهدافاً جديدة للخمسين سنة القادمة، وهي تتم خمسين عاماً من رحلة البناء على سطح المريخ، تلك الرحلة التي وصفها محمد بن زايد بالمرحلة الجديدة والفارقة في التاريخ العربي، لأنها تعبير عما يمكن وصفه مجازاً «إدارة تحقيق الحلم»، بالإرادة والعلم في بيئة صالحة لنمو العلم في عقول الشباب، بدأت منذ عهد الوالد المؤسس زايد، وتتواصل برعاية خليفة، ودعم مباشر من محمد بن راشد ومحمد بن زايد.
والتعبير الأمثل عن روح تلك الرؤية هو حمدان بن محمد المشرف العام على المهمة، بما يمثله من رمزية تمثل إصرار شباب الوطن والأجيال المقبلة على مواكبة العصر واقتحام ساحات العلوم من أوسع أبوابها، وتحقيق اختراقات علمية في كافة المجالات لا تقل عما يحققه أقرانهم في دول أخرى.
هكذا تعلمنا ونشأنا، وهكذا زرعت فينا القيادة روح التحدي وتفكيك العقبات، وعلمتنا فن تحويلها إلى فرص ومحفزات، وما لقاء القيادة أمس مع فريق الأحلام الذي يدير مهمة المسبار سوى الدرس العلني لشباب الوطن وفريق المسبار وللقاصي والداني، أن المسبار رسالة إماراتية بكيفية بناء الإنسان لأمل الأمة في التغيير والخروج إلى ساحات العلم والتقدم، وتأكيد على المعادلة الإماراتية باقتران الأقوال وبالأفعال، فانتظروا قريباً رسالة المسبار الأولى من الفضاء لتبلغ العالم أن أبناء زايد يكتبون التاريخ على سطح الكوكب الأحمر، كما كتبوه هنا على أرض المعجزات.