لمّ الشمل الجزائري قبل الشمل العربي

لمّ الشمل الجزائري... قبل الشمل العربي!

لمّ الشمل الجزائري... قبل الشمل العربي!

 صوت الإمارات -

لمّ الشمل الجزائري قبل الشمل العربي

بقلم - خيرالله خيرالله

مشكورة الجزائر على استضافة القمّة العربيّة، علماً أن القمم العربيّة لم تعد تقدّم ولا تؤخّر.

مشكورة أكثر لأن النظام فيها اختار شعار «لمّ الشمل» عنواناً للقمّة.

سيكون النظام مشكوراً، أكثر فأكثر، في حال استطاع تطبيق هذا الشعار على نفسه أوّلاً والاستفادة من تجربة فشله في تمكين بشّار الأسد، المسؤول عن قتل نصف مليون سوري، في أقل تقدير، وتشريد ما يزيد على عشرة ملايين من مواطنيه، من حضور القمّة وإعادة الاعتبار إليه.

وجد النظام الجزائري مخرجاً من المأزق الذي أوقع نفسه فيه، عندما اقنع بشّار بالقول إنّه لا يريد حضور القمّة. استعان بذلك، على الأرجح، بالجانب الروسي الذي لايزال يمتلك بعض القدرة على التأثير على الأسد الابن.

تنعقد قمة الجزائر في وقت يشعر فيه النظام بأنّه في وضع يسمح له بالعودة إلى ممارساته القديمة. يظنّ ذلك من منطلق أنّه بات قادراً مرّة أخرى على لعب دور القوّة المهيمنة في المنطقة وإعطاء دروس في الوطنيّة عبر اطلاق شعارات فارغة من أي مضمون معتمداً على عائدات النفط والغاز، بل الغاز اوّلاً، في ظلّ أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا.

مرّة أخرى، لا يمكن إلّا الترحيب بالقمّة، خصوصاً في هذه الظروف الدقيقة والمعقدة في المنطقة والعالم وحرب أوكرانيا.

يظلّ التشاور بين القادة العرب، ومَنْ يمثلّهم، أفضل من لا شيء، علما أنّ لا قيمة، من أي نوع لأي مشاورات في غياب الرغبة في التعاطي مع الواقع بدل الهرب منه.

قبل انعقاد قمّة الجزائر، يمكن الكلام عن فشلين ونصف فشل لنظام، لم يعرف يوماً أنّ عائدات الغاز والنفط لا تصنع سياسة بنّاءة إلّا في حال وضعها في خدمة الشعب الجزائري ورفاهه أوّلاً وأخيراً.

كان الفشل الأوّل في محاولة إعادة النظام السوري إلى الصفّ العربي في وقت ليس هناك ما يُشير إلى هذا النظام يستطيع التخلص من الهيمنة الإيرانيّة، وهي هيمنة كانت إيرانية - روسية قبل التراجع النسبي للدور الروسي في سورية.

أمّا الفشل الثاني، فكان في محاولة إقحام قضيّة الصحراء المغربيّة في جدول أعمال القمّة.

سعت الجزائر إلى استخدام الرئيس التونسي قيس سعيد في مرحلة معيّنة عندما اقنعته باستقبال زعيم «بوليساريو» إبراهيم غالي في قمّة افريقية - يابانية لا علاقة له بها من قريب او بعيد.

قبل ذلك، وضع رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة محمود عبّاس (أبومازن) في مستوى زعيم «بوليساريو» في احتفالات عيد الاستقلال الجزائري في نوفمبر الماضي.

كانت تلك جريمة موصوفة في حقّ فلسطين والفلسطينيين الذين تدّعي الجزائر الدفاع عنهم من باب المزايدات ليس إلّا.

مجرّد المقارنة بين القضيّة الفلسطينيّة، وهي قضيّة شعب لديه حقوقه المشروعة، من جهة، وقضيّة مفتعلة مثل قضيّة الصحراء المغربيّة من جهة أخرى، يعكس رغبة في الإساءة إلى فلسطين وتحويلها مادة للمتاجرات السياسية.

عندما تعلّق الأمر بمحاولة جعل قضيّة مفتعلة، مثل قضيّة الصحراء، تتسلل خلسة إلى القمّة، كان للعرب الواعين موقف واضح.

جعل هذا الموقف الجزائر تتراجع، خصوصاً أنّ اكثريّة عربيّة تقف مع المغرب ومع وحدته الترابيّة، كما تعرف أنّ قضيّة الصحراء ليست سوى جزء من حرب استنزاف تشنها الجزائر على دولة جارة لم تقدّم لها يوماً سوى الخير.

أمّا بالنسبة إلى نصف الفشل الجزائري، فهو يقع في السعي إلى مصالحة فلسطينية - فلسطينية، بين «فتح» و«حماس». يحاول إتمام مثل هذه المصالحة.

قد ينجح في ذلك شكلا، لكنّه سيفشل في العمق.

يعود ذلك، بكلّ بساطة إلى أنّ أيّا من الطرفين لا يستطيع دفع ثمن المصالحة. لا يريد «أبومازن» الذي يُعاني من ضعف ليس بعده ضعف اشراك «حماس» في السلطة، ولا يمكن لـ«حماس» قبول أي تنازل في قطاع غزّة الذي تحوّل منذ منتصف العام 2007 إلى «امارة اسلاميّة» تتحكّم بها تحكّماً كلّياً.

قاطع عدد لا بأس به من الزعماء العرب قمة الجزائر. لن ينقذ القمّة سوى حضور الملك محمّد السادس الذي قد يحضر لإثبات أنّ العلاقة بين الشعبين المغربي والجزائري لا تتأثّر بنظام لم يعرف يوماً كيف يتصالح مع الجزائريين، بل يهرب باستمرار من أزماته الداخليّة إلى الخارج.

في النهاية، لن تكون أي قيمة لقمّة الجزائر إلّا إذا استطاع المشاركون فيها مواجهة الواقع بدل الهرب منه.

يتمثّل الواقع في أن الخطر الأكبر على العالم العربي، أو ما بقي منه، هو المشروع التوسّعي الإيراني.

يُفترض في القمّة أخذ العلم بما أعلنه عمر هلال السفير المغربي لدى الأمم المتحدة أخيراً عن «أنّ إيران زودت مقاتلي جبهة بوليساريو بمسيرات. الإيرانيون وحزب الله يتوغلون في شمال افريقيا وهذا تطور جيوسياسي خطير يهدد الأمن القومي لدول الإقليم. إيران تريد زعزعة استقرار منطقتنا بعد أن قوضت استقرار سورية واليمن والعراق ولبنان».

هل تمتلك الجزائر ما يكفي من الجرأة كي يجعل للقمة التي سيستضيفها البلد قيمة ما؟ في ضوء تجارب الماضي القريب، يصعب التفاؤل بقمّة الجزائر، لا لشيء سوى لأن النظام يرفض تطوير نفسه ويفضل البقاء أسيراً للعقدة المغربيّة.

الأكيد أن ما يريد العرب الواعون سماعه من قمّة الجزائر، هو خطاب مختلف تماماً عن تلك اللغة التي يعتمدها نظام لم يستطع في يوم من الأيّام أن ينجح في لمّ الشمل الجزائري والشمال أفريقي قبل أن يلمّ الشمل العربي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لمّ الشمل الجزائري قبل الشمل العربي لمّ الشمل الجزائري قبل الشمل العربي



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates