لبنان والأسئلة الأميركية الصعبة

لبنان والأسئلة الأميركية الصعبة

لبنان والأسئلة الأميركية الصعبة

 صوت الإمارات -

لبنان والأسئلة الأميركية الصعبة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

من الصعب التكهن بما اذا كان رئيس الوزراء اللبناني المكلّف مصطفى اديب سيتمكن من تشكيل حكومة لبنانية جديدة في ظلّ اطار واضح، وضعه الرئيس ايمانويل ماكرون، يستبعد الحزبيين او ممثلي الأحزاب والقوى السياسية المعروفة بطريقة او باخرى.

سيكون تشكيل مثل هذه الحكومة تطوّرا في غاية الأهمية واقرب الى انقلاب سياسي من ايّ شيء آخر، ردّا على ذلك الذي نفّذه "حزب الله" على مراحل وتوّج بالاتيان بميشال عون رئيسا للجمهورية قبل اقلّ بقليل من اربع سنوات ثم بانتخابات ايّار – مايو 2018.

اجريت تلك الانتخابات على أساس قانون وضعه الحزب نفسه الذي استطاع تأمين أكثرية نيابية له. هذا ما قاله قاسم سليماني نفسه بعد تلك الانتخابات. اعتبر قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني، الذي تولّى الاميركيون تصفيته في الثالث من كانون الثاني – يناير الماضي، قرب مطار بغداد، انّ "الجمهورية الاسلاميّة" صارت تمتلك أكثرية في مجلس النواب اللبناني!

بكلام أوضح، يُفترض في مصطفى اديب تشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة بغية انتشال لبنان من حال الانهيار القائمة تمهيدا للانتقال الى مرحلة جديدة. يتوقّع ان تكون المرحلة الجديدة في صعوبة المرحلة الراهنة، ان لم تكن اصعب منها. ستكون المرحلة الجديدة مرحلة الأسئلة الصعبة التي ستحتاج الى إجابات لبنانية واضحة في حال كان مطلوبا بالفعل انقاذ البلد... او ما بقي منه.

ليس معروفا بعد هل يمكن لرئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل القبول بالبقاء خارج الحكومة الجديدة؟ يعتمد الكثير على ما سيقرّره "حزب الله". هذا يعود الى سبب في غاية البساطة. السبب انّ العهد الحالي هو عهد الحزب المسلّح، الحزب القادر على فرض ما يريده في ضوء ايصاله ميشال عون الى موقع رئيس الجمهورية من جهة واعتقاد جبران باسيل أنّ في استطاعته سلوك الطريق ذاته التي شقّها لعمّه... وهي الطريق التي اوصلته أخيرا الى قصر بعبدا من جهة اخرى.

هناك مرحلة راهنة، مرحلة السعي الى تشكيل الحكومة، وهناك مرحلة جديدة يحتاج اليها لبنان لاحقا. يأتي في أساس المرحلة الجديدة طرح "الحياد" الذي ينادي به البطريرك الماروني بشارة الراعي. تلخص كلمة "الحياد" المرحلة الجديدة التي تنتظر لبنان في حال تشكيل حكومة اختصاصيين وخبراء لا حزبيين، ولا محسوبين على أحزاب السلطة وغير السلطة.

سيكون صعبا على ميشال عون وجبران باسيل القبول بحكومة جديدة، اللهمّ الّا اذا اجبرهما "حزب الله" على ذلك بسبب حسابات خاصة به، أي حسابات إيرانية تراهن على شراء الوقت في انتظار موعد الانتخابات الأميركية في الثالث من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل. ثمّة رهان إيراني على التهدئة على كلّ الجبهات في الوقت الحاضر في انتظار معرفة هل سيتغيّر دونالد ترامب ام لا. قد لا يمنع ذلك اقدام ايران على مغامرة ما من منطلق المساهمة في اسقاط ترامب.

لكنّ احتمال التهدئة يظلّ الغالب، خصوصا ان ايران تعرف تماما، في ضوء اغتيال قاسم سليماني قبل شهور قليلة، معنى استفزاز الرئيس الأميركي في هذه الايّام، قبل شهرين من موعد انتخابات الرئاسة.

يبقى ان اقناع ميشال عون وجبران باسيل بحكومة مصغّرة تضم اختصاصيين وخبراء وتستجيب للمقاييس التي تسعى فرنسا الى التقيّد بها، سيكون في غاية الصعوبة. في أساس هذا الافتراض انّ هناك ارادة فرنسية في إعادة هيكلة النظام المصرفي في لبنان في ظلّ أسس جديدة وسليمة ومواصفات عالمية تتّسم بالشفافية اوّلا. وهذا يتعارض كلّيا مع توجهات مدرسة "التيّار الوطني الحر" والذين يدعمونه. كذلك توجد رغبة فرنسية، بالتفاهم مع المانيا، في تعريف اللبنانيين مجددا الى اختراع اسمه الكهرباء، 24 ساعة على 24 ساعة. الأكيد ان ذلك لا يناسب "التيّار العوني" الذي يفضّل المتاجرة بالكهرباء سنوات عشر أخرى، بغض النظر عن كلفة هذه المتاجرة على المواطن اللبناني اوّلا وعلى خزينة الدولة اللبنانية المفلسة كلّيا.

أخيرا هناك إصرار فرنسي على إعادة بناء ميناء بيروت والمنطقة المتضررة القريبة منه وتمكين المواطنين المشردين من العودة الى منازلهم. الأكيد ان ذلك لا يناسب أيضا "التيّار العوني" نظرا الى ان فرنسا ستعيد، بفضل جهودها، المسيحيين الذين تركوا بيوتهم اليها. سيحرم ذلك "التيّار" من متابعة هوايته المفضّلة المتمثّلة بالمتاجرة بحقوق المسيحيين والادعاء انّه سيستعيدها لهم بسلاح "حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الايراني.

ستكون مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى اديب صعبة الّا اذا كان لدى فرنسا ما يكفي من الوسائل لـ"اقناع" ميشال عون وجبران باسيل بانّ لا خيار آخر امامهما. ستأتي بعد ذلك المرحلة الأميركية والاسئلة الصعبة جدا. أي مرحلة الأسلحة المتعلّقة بمصير سلاح "حزب الله"، بما في ذلك صواريخه الدقيقة التي لا يمكن ان تقبل إسرائيل بوجودها.

قبل ذلك، أي قبل طرح موضوع الصواريخ والسلاح، تريد الولايات المتحدة معرفة اين صار موضوع رسم الحدود البحرية والبرّية مع إسرائيل. من الواضح، ان مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر، الموجود في بيروت، ليس مستعدا لعقد لقاءات مع مسؤولين لبنانيين في غياب جديد لديهم في شأن ترسيم الحدود.

كيف يحلم لبنان بالاستفادة يوما من ثرواته النفطية الموجودة في البحر، هذا اذا كانت هذه الثروات موجودة، من دون ترسيم واضح للحدود البحرية مع إسرائيل؟ ثمّة حاجة الى منطق جديد في لبنان، الحاجة تبدو الى مصالحة لبنان مع المنطق الذي يقول ان على البلد الاختيار في نهاية المطاف هل يريد العيش بسلام مع نفسه، وليس مع إسرائيل، في ظلّ "الحياد"... ام يريد البقاء ورقة إيرانية، لا اكثر، تستخدمها طهران لابتزاز اميركا.

بعد شهر على تفجير ميناء بيروت والمأساة التي اسفر عنها هذا التفجير، ثمّة سؤال يختزل كل الأسئلة المطروحة حاليا او تلك التي ستطرح مستقبل. هل يستطيع "عهد حزب الله" الذي بدأ في 31 تشرين الاوّل – أكتوبر 2016 القول ما الذي جعل هذا الانفجار الضخم ممكن الحدوث في ذلك اليوم المشؤوم، يوم الرابع من آب – أغسطس 2020؟ من خزّن تلك المواد الشديدة الخطورة في الميناء طوال كلّ هذه السنوات ومن حماها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان والأسئلة الأميركية الصعبة لبنان والأسئلة الأميركية الصعبة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates