هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

 صوت الإمارات -

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

بقلم: مصطفي الفقي

 

 أكتب عنه دون مناسبة محددة، فلا هو تاريخ مولده ولا تاريخ استشهاده، ولكن العظماء تمتد قيمتهم عبر الأزمنة دون أيام بذاتها، وأنا أنظر باعتزاز كبير واحترام شديد لاسم ذلك الشهيد الذى حمل أعلى درجة عسكرية سقط صاحبها وسط جنوده فى ميدان القتال دفاعًا عن تراب مصر فى مواجهة جرائم الصهاينة وحروبهم المستمرة واستفزازاتهم الدائمة، ولم أسمع عن ذلك البطل العظيم إلا يوم أن جرى اختياره قائدًا للجبهة الأردنية للقوات العربية المشتركة قبيل حرب ١٩٦٧، وكان للرجل ملاحظات كثيرة على ما جرى فى ذلك الوقت، وإن كان قد أشاد وقتها بصلابة الجندى الأردنى الذى لم تتوفر له مصادر العتاد والسلاح مثلما أتيح لنظيره الإسرائيلى، وقد كان عبدالمنعم رياض ضابطًا لامعًا طوال حياته العسكرية، حيث جمع بين العلوم العسكرية والدراسات الأكاديمية، حيث حصل على شهادة جامعية أيضًا، وكان موضع احترام الرئيس عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر والفريق أول محمد فوزى، وقد اكتسب سمعة طيبة لكفاءته العسكرية وقدراته فى فنون القتال والحروب الحديثة، وقد جمع الشهيد عبدالمنعم رياض بين الثقافتين العربية والأجنبية، وكان دائم الاطلاع واسع المعرفة؛ لذلك جرى اختياره بعد نكسة يونيو ١٩٦٧ رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فى مرحلة كان الجيش المصرى الباسل يلمْلم فيها شتاته بعد حربٍ خاطفة لم يتَح له فيها الدخول فى معارك عسكرية حقيقية، حيث كان الحشد سياسيًا والحرب إعلامية، والمؤامرة الإسرائيلية مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

ومع ذلك فإننا نتذكر بكل إكبار وتقدير ما أبلاه الجيش المصرى بعد حرب ١٩٦٧ من بطولات وتضحيات؛ بدءًا من معركة رأس العش حتى قبول مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار عام ١٩٧٠، ولى فى قصة الشهيد عبدالمنعم رياض جانب يؤرقنى كثيرًا؛ وهو أننى عندما تسلمت عملى مديرًا لمكتبة الإسكندرية عام ٢٠١٧ وجدت أن إسماعيل سراج الدين قد تركها فى أفضل أوضاعها باعتباره المؤسس والمدير الأول للمكتبة، وبعد أيام قليلة وقبل أن أتعرف على كل الزميلات والزملاء جرت بينى وبين إحدى الزميلات مناقشة مفاجئة نتيجة اختلافنا فى الرأى حول أساليب العمل، ولأنها كانت وثيقة الصلة بالمدير السابق للمكتبة وتحمل له احترامًا خاصًا وربما لا تطيق أسلوب العمل الجديد مع غيره، لذلك انتهت المناقشة بيننا بمشادة كلامية تركت هى بعدها العمل فى المكتبة وعادت كأستاذة جامعية رأت أن تتفرغ لعملها الأكاديمى، ومضت الأيام ونسى الأطراف طبيعة هذه المشكلة وملابساتها.

واعتبرت ما حدث أزمة عابرة لم يكن لها مبرر، ثم اكتشفت فى العام الماضى فقط أن الأستاذة الجامعية موضع الخلاف فى الرأى هى ابنة أخت الفريق الشهيد عبدالمنعم رياض، ولو أننى كنت أعرف ذلك وقت تلك المشادة لراجعت نفسى احترامًا لدم ذلك الشهيد العظيم وتاريخه الناصع، وهكذا تدور بنا الأيام أحيانًا فيجد المرء نفسه طرفًا فى خطأ عابر يندم عليه فيما بعد، وكلما تذكرت ذلك الأمر ترحّمت على القائد الشهيد الباقى فى ضمير أمته دائمًا، وبهذه المناسبة فإننى أدعو الدولة المصرية بل غيرها من الدول التى دخلت فى نزاعات مسلحة وحروب دامية أن تقدم رعاية خاصة للشهداء؛ لأن الشهيد أيقونة هذا العصر وكل عصر، وهو بطل الحرب، وهو الضياء الذى لا يغيب أبدًا، وأنا أنتمى تاريخيًا للسلك الدبلوماسى المصرى، وأتذكر دومًا شهداء الدبلوماسية المصرية بدءًا من كمال الدين صلاح وصولاً إلى شهداء تفجير سفارة مصر فى باكستان وضحايا العمل الدبلوماسى فى كل مكان، كل هؤلاء بعد شهداء القوات المسلحة والشرطة هم نبراس لا يخبو أبدًا للوطنية والفداء، وكلما مررت بميدان عبدالمنعم رياض المتاخم لميدان التحرير أحنيت الرأس إجلالًا لذلك القائد الشهيد للعسكرية المصرية فى أعظم أدوارها وأخلد مواقفها على مر العصور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates