اعترافات ومراجعات 72 يوم هدم سراي الباشا

اعترافات ومراجعات (72) يوم هدم سراي الباشا

اعترافات ومراجعات (72) يوم هدم سراي الباشا

 صوت الإمارات -

اعترافات ومراجعات 72 يوم هدم سراي الباشا

بقلم:مصطفى الفقي

 

دعانى صديقٌ، هو الأستاذ محمد البنّا، زميل العضوية فى البرلمان المصرى الأسبق، إلى زيارة قريته الكبيرة فى مركز المحمودية بحيرة، ومدرسة «أريمون الابتدائية» لأنه كان يعلم أننى بدأت تعليمى النظامى فى تلك المدرسة قبل بداية منتصف القرن الماضى، وقد قبلت الدعوة متحمسًا لأننى لم أرَ تلك المدرسة منذ تركتها عام ١٩٥٣، وبالفعل اصطحبنى الصديق عضو البرلمان عن تلك الدائرة، حيث كنت وقتها عضوًا عن دائرة بندر دمنهور من خلال انتخاباتٍ نيابية أثارت جدلًا كبيرًا ولغطًا شديدًا فى وقتها لأن منافسى كان واحدًا من أهم قيادات الإخوان، الذين احتشد له كل أعضاء الجماعة من الوجه البحرى يوم الانتخابات، والشهود على ذلك أحياء، كما أن حكم محكمة النقض قد جاء مؤكدًا لصحة الانتخابات، وكان حكمها مرتين متتاليتين الأولى فى ظل حكم الرئيس مبارك والثانية فى ظل حكم سنة الإخوان، وكان القرار فى كليهما واحدًا. أعود إلى قصة الزيارة التى رافقت فيها الصديق البنا، وهو ينتمى إلى أسرة موسرة من مركز المحمودية، وعندما ركبنا السيارة من دمنهور طلبت من السائق المرور على تفتيش المغازى باشا لأتذكر سنوات الطفولة التى برحتها منذ عشرات السنين، وقلت له إننى أريد أن أرى سراى الباشا، الذى كان تحفة معمارية بهندسته الرائعة وجماله المشهود، فاستجاب السائق، وتحركنا المضيف وأنا فى سيارة واحدة، وكانت المفاجأة عندما وصلنا إلى مبنى السراى أن هناك عملًا دؤوبًا لهدمه،

وقد تمكن مقاولو الهدم من القضاء على معظم البناء وحدائقه الغنّاء، وشعرت بألم شديد لأنى كنت أنتوى أن أكرس جهودى أنا وزملائى من أعضاء البرلمان من محافظة البحيرة لإنشاء مركز ثقافى مصرى ضخم فى السراى الكبير، الذى آل للإصلاح الزراعى، ثم تُرك بعد ذلك مهجورًا ليس له أب شرعى، وكان المشهد يومها صاعقًا وحزينًا، فقررت على الفور ألا أنزل من السيارة، وعلمت بعد ذلك أن بعض الجزارين قد اشتروا ذلك المبنى بسعر زهيد، وأنهم سوف يحولونه إلى محال تجارية، خصوصًا أنهم قد حققوا أرباحًا هائلة من شرائه بسعر منخفض، وقد حاول الأستاذ محمد البنا، وهو خبير سياحى معروف، إثنائى عن التمسك بعدم النزول، ولكنى صممت على موقفى، وطلبت أن تتجه السيارة مباشرةً إلى بلدة (أريمون)، حيث كانت سنواتى الأولى فى التعليم، أقول ذلك اليوم لكى أوضح أنه قد جرى إهدار إمكانات كبيرة، وحدث عدوان على مبانٍ أثرية كسراى المغازى باشا، الذى زاره النحاس باشا وإبراهيم فرج باشا والسفير الأمريكى فى ذلك الوقت وغيرهم من الشخصيات العامة والمهمة، وكنت أريده أن يبقى شاهدًا على العصر ودليلًا على معمار عشرينيات القرن الماضى، وعندما وصلت إلى (أريمون) استيقظت الذكريات فى ذهنى عند كل مكان زرته منذ نصف القرن وتذكرت يومها أساتذتى من المدرسين أحمد المليجى وطه مكرم الله وناظر المدرسة الشيخ الجناجى، الذى كان ابنه زميلًا لنا فى الفصل، وكنّا نعتبر ذلك مركز قوة لنا باعتبارنا زملاء مباشرين لابن ناظر المدرسة، ورأيت الأرض المنحدرة التى كنا نلعب فيها حول المدرسة، وبدأت أسماء الرفاق الصغار تتداعى فى ذاكرتى، وشعرت بعاطفة جارفة وحنين شديد إلى ذلك الماضى المفقود عبر السنين، وقد يندهش البعض أننى لم أدخل مدينة المحمودية فى حياتى، حتى إنه عندما رشحنى الحزب الوطنى الحاكم لعضوية البرلمان اختار لى دائرة عامة باعتبارها عاصمة البحيرة، وهى مدينة دمنهور، وكنت أود دائمًا أن أزور المحمودية لأننى قرأت أن حسن البنا كان من أبنائها، بل نائبه أيضًا أحمد السكرى، الذى خاض انتخابات عام ١٩٥٠ أمام ابن المغازى باشا محمد بك المغازى وقتها، مما أثار حفيظة الكثيرين من أتباع جماعة الإخوان المسلمين فى ذلك الوقت.. إنها ذكريات مضت وزمن ولّى وعصر لن يعود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 72 يوم هدم سراي الباشا اعترافات ومراجعات 72 يوم هدم سراي الباشا



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates