لبنان فشل نظرية «العين  عين»

لبنان: فشل نظرية «العين - عين»!

لبنان: فشل نظرية «العين - عين»!

 صوت الإمارات -

لبنان فشل نظرية «العين  عين»

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

إذا كان هناك قتيل، فإنه -حكماً وقطعاً- هناك قاتل أو أكثر!وإذا كان هناك ضحية، فإنه -حتماً- هناك جانٍ أو جناة!وإذا كان هناك تفجير شديد الدمار، فإنه -مما لا شك فيه- هناك من فكر فيه، ومن اشترى لوازمه، ومن سهَّل تهريبها، ومن جهَّزها، ومن فجَّرها ومن تستَّر على كل أركان الجريمة الشنعاء.كل هذه الأساسيات التى تبدو منطقية تداهم عقولنا وقلوبنا ونحن على أعتاب الاستماع إلى قائمة الاتهام بالمحكمة الدولية الخاصة باستشهاد دولة الرئيس رفيق الحريرى، رحمه الله.بعد 15 عاماً، وبعد آلاف الساعات، ومئات الآلاف من الدقائق، وعشرات الشهود، ومئات الملايين من الدولارات سوف نعرف الحقيقة، وسوف تستريح جثة الضحية فى قبرها، وتنتصر السماء لظلم أهل الأرض، وتنطق العدالة بأسماء الجناة الفاعلين، والمحرّضين، والداعمين، والمشاركين، والمموِّلين.الأمر المؤكد أن هناك محكمة سوف تنطق بأحكامها بعد 15 عاماً من البحث والتدقيق والنظر والاستجواب والتحرى والمتابعة.والحكم الذى صدر «أمس الثلاثاء» هو أول حكم يصدر عن المحكمة منذ إنشائها عام 2007، ويُتوقع أن تتلوه تفاصيل وحيثيات أخرى، وسوف يتاح للدفاع عن المتهمين الذين صدرت بحقهم إدانات الاستئناف وتوفير حق الرد لهم.ويُذكر أن هذه المحكمة استمعت فى الفترة من 2014 إلى العام 2018 إلى 297 شاهداً أساسياً، وأنها استطاعت عبر حصولها على وثائق ومستندات وتسجيلات هاتفية أن تتوفر لها تفاصيل دقيقة تمكّنها من تحديد هوية المحرضين، والداعمين، والمنفذين، والمتسترين على الجريمة التى أودت بحياة الرئيس رفيق الحريرى وكبار مساعديه وبعض المارة الذين تصادف وجودهم فى مكان التفجير المروع.اليوم نبدأ فى تحليل الحكم القائم على أدلة ظرفية قانونية:أهم ما فى وقائع الحكم:أنها استمعت لشهادات وإفادات 293 منهم 150 شاهداً قدموا إفاداتهم كتابياً حرصاً على سلامتهم.الحكم استند على 3 آلاف وثيقة أساسية، ومكون من 2600 صفحة، فيه 150 صفحة من مقتطفات أدلة.اعتمد رأى المحكمة على أحكام ظرفية تعتمد أساساً على متابعة تقنية دامغة لا تقبل الشك لأجهزة الاتصالات الهاتفية التى تم شراؤها هى والخطوط من مدينة طرابلس، ولم تُستخدم أبداً بعد حدوث جريمة الاغتيال.أنه بالتدقيق فى كافة الاتصالات وملايين الاتصالات النصية يتضح أن المتهمين الأربعة فى القضية يتوفر دليل دامغ لا يرقى إليه الشك على تورطهم فى حادث الاغتيال.وجاء فى نطق الحكم أيضاً ما يؤكد أن الجريمة ارتُكبت من خلال سيارة ميتسوبيشى بيضاء يقودها انتحارى مجهول الهوية قام بتفجير نفسه بمادة «تى. إن. تى» تزن 2.5 طن من هذه المادة.راح ضحية التفجير 21 شخصاً، بالإضافة إلى السيد الحريرى الذى كان يقود سيارته بنفسه وبجانبه الوزير باسل فليحان رحمه الله.واستقر لدى المحكمة أن المتهمين كانوا يراقبون منذ أشهر تحركات وزيارات الرئيس الحريرى وأسلوب حراسته.وبالمتابعة التقنية الدقيقة لما يُعرف بـ«الاقتران المكانى» لأجهزة الهواتف المتوفرة لدى فريق الاغتيال تبين أنهم هم من قام بالمراقبة والمتابعة لتنفيذ الجريمة.قد نتعرف على القتلة اليوم، وهو أمر شكّك فيه حزب الله اللبنانى دائماً وأبداً وبشكل مسبق ومبكر، على أساس أن الحزب يعتبر أن هذه المحكمة وهدفها وتشكيلها وأسلوب عملها وإجراءاتها كلها ليست «محايدة»، ولكنها فيها «كيد سياسى» يستهدف الإساءة للحزب على حد وصف الحزب نفسه.الأمر المؤكد أن السؤال الذى طُرح بعد ظهيرة يوم 14 فبراير 2005، يوم الانفجار العظيم، هو: لماذا قتلوا رفيق الحريرى؟قد نختلف على أسماء القتلة أو المحرضين أو الداعمين، لكن المؤكد أن هذا الانفجار كان له هدف سياسى يتعدى تحويل أبرياء إلى جثث وأشلاء متفحمة!وأذكر أننى منذ 8 سنوات تلقيت دعوة كريمة على الغداء من الصديق الدكتور نديم الملا، أحد أهم مساعدى الشهيد رفيق الحريرى، والمستشار الاقتصادى الحالى لسعد الحريرى، برفقة الصديق عمر المشرفية، يومها سألت الدكتور نديم: «لماذا قتلوا رفيق الحريرى، الرجل كان خارج الحكومة يوم قُتل، والسلطة لم تكن فى يده، ودولة السيطرة الأمنية السورية ممسكة -بقوة- بمفاصل الدولة فى لبنان»؟؟ابتسم د. نديم وقال: «رفيق الحريرى مدرسة سياسية خارج التركيبة التقليدية، إنه منهج تفكير مخالف تماماً لكل هؤلاء».وأضاف د. نديم: «لم يكن الهدف هو التخلص من رفيق الحريرى الإنسان وتحويله إلى جثة، ولكن كان الهدف هذا المنهج من التفكير وهذا التوجه فى السياسات».وأذكر أن معارضاً سورياً يعيش فى باريس قال لى: إننا الآن نعيش فى مرحلة التقسيم والفرز السياسى التى يمكن أن نطلق عليها مرحلة «عين - عين»!تعجبت وسألته: وماذا تقصد بحالة «العين - عين»؟قال: هؤلاء يقسمون ويفرزون سياسياً كل من يتعامل معهم على أنه إما «عدو» أو «عميل».هنا ضحكت، ألا يمكن للإنسان أن يكون «صاد» أى صديق؟قال: «الصديق قد يصدقك القول، وقد يختلف معك وهذا غير مقبول، الصيغة الوحيدة المقبولة للعلاقة هى أن تكون عميلاً، بمعنى الطاعة الكاملة، والولاء الأعمى، وتنفيذ الأوامر والرغبات دون مناقشة أو جدل أو حتى استفسار».والذى يعرف الحقائق يعرف أن الرئيس الحريرى كانت له علاقات طيبة مع طهران، وزارها عدة مرات بترتيب مع مستشاره مصطفى ناصر رحمه الله، وهو أحد الرجال المقربين من الحرس الثورى، وعلى علاقة ممتازة بحزب الله اللبنانى.والذى يعرف الحقائق يعرف أن الرئيس الحريرى كانت تربطه علاقة تفاهم جيدة مع الرئيس حافظ الأسد وكافة أفراد أسرته.وقام الرئيس رفيق الحريرى ببناء عدة قصور ومشروعات فى دمشق من ماله الخاص، بل إنه قام بتحديث وبناء أماكن كثيرة فى قصر الحكم المعروف بقصر «المهاجرين» بدمشق، وحينما توفى باسل الأسد فى حادث سيارة قام ببناء المقبرة الخاصة به.كان الحريرى قريباً من نائب الرئيس السورى عبدالحليم خدام، والعماد حكمت الشهابى، رئيس الأركان، وكثير من الساسة والإعلاميين ورجال الحزب الحاكم فى سوريا.كل ذلك لم يشفع له سياسياً.وعلى المستوى الشخصى كانت علاقة رفيق الحريرى بسماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب اللبنانى، وثيقة، دائمة التواصل، لها قنوات سرية متعددة، وفيها لقاءات شخصية لم يُكشف عنها!ويُذكر أن السيد حسن نصر الله قام -شخصياً- بزيارة منزل عائلة الشهيد فى منطقة «قريطم» ببيروت لتقديم واجب العزاء، وهى سابقة نادرة الحدوث على أساس أن حركة الرجل شديدة الحرص والتقييد بسبب حالة «الطوارئ الأمنية الدائمة» المحيطة بشخصه.إذا اعتبرنا أن مشروع اغتيال رفيق الحريرى يخضع للمكسب والخسارة، فهل ربح من خططوا له ونفذوه؟بمنطق الربح والخسارة، لم يربحوا شيئاً، بل إن رفيق الحريرى اليوم بعد 15 عاماً من اغتياله أكثر قوة وهو فى قبره أكثر مما كان حياً يُرزق!حقاً، قُتل رفيق الحريرى، وأصبح فى التراب، لكن دمه سيظل يطارد قاتليه فى الحياة وفى الآخرة.قلبى اليوم مع أنصار الحريرى، ومع عائلته، ومع أخى سعد.غداً.. الدوافع السياسية للجريمة كما جاءت فى الحكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان فشل نظرية «العين  عين» لبنان فشل نظرية «العين  عين»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
 صوت الإمارات - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 06:44 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معرضان مهمان لحبيب جورجي وفنان فنزويلي في القاهرة

GMT 05:23 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

120 ألف زائر لـ " مهرجان دبي وتراثنا الحي "

GMT 12:47 2013 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحكومة تدرس إنشاء 4 مجمعات تكنولوجية

GMT 12:22 2013 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

750مليار دولار فاتورة تزود العالم بالنفط والغاز 2014

GMT 10:20 2016 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

داغستان تحظر 40 موقعًا متشددًا من على "الإنترنت"

GMT 08:37 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

طرح "Hands of Stone" في دور العرض المصرية الخميس

GMT 17:55 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الطيور تستعين بأعقاب السجائر لطرد الآفات )

GMT 04:13 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سك العملة" تشارك بجناح في معرض القاهرة للكتاب

GMT 19:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates