«أردوغان» وخط «سرت» 2

«أردوغان» وخط «سرت» (2)

«أردوغان» وخط «سرت» (2)

 صوت الإمارات -

«أردوغان» وخط «سرت» 2

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

«أتجاوز خط سرت - الجفرة أو لا أتجاوز»؟ هذا هو السؤال الذى يدق عقل رجب طيب أردوغان الآن.

«أتجاوز أو لا أتجاوز»، كما قال شكسبير «أكون أو لا أكون.. تلك هى المسألة».

حسابات أردوغان تخضع لعناصر عديدة، لكن تركيبته الشخصية تجعل العاطفة وجنون العظمة وأوهام الخلافة تغلب على القراءة العميقة لواقع مسرح الأحداث، والأطراف الإقليمية والمواقف الدولية التى «تردعه» وتجعله أكثر تعقلاً إذا أراد.

هنا يتعين أن نطرح السؤال التالى: كيف يحسبها أردوغان وهو يتعامل -الآن- مع الملف الليبى؟

حتى نحصل على الإجابة الأقرب للصحة، علينا أن نفكر بعقله، ونحسب حساباته، ونزن الأمور بمقاييسه.

واقع الحال يضع أمام أردوغان عناصر تشجعه على تجاوز خط «سرت - الجفرة»، وأخرى مضادة تجعله يسيطر على جموحه ويلجأ إلى دفع حكومة السراج إلى مائدة التفاوض واحترام خط «سرت - الجفرة».

تعالوا نناقش العامليْن، أى عوامل المغامرة العسكرية، أو عامل تجميد المغامرة العسكرية فى ليبيا.

أولاً: ما يشجعه على المغامرة:

1- يوجد لدى أردوغان ثمانية عشر ألفاً وخسمائة من قوى ميليشيات الإرهاب التكفيرى الذين تم نقلهم من سوريا إلى معسكرات التدريب فى تركيا، وتم نقل حوالى 13 ألفاً منهم -بالفعل- إلى ليبيا.

2- هناك تمويل من قطر لدفع أجور ومرتبات هذه الميليشيات بالدولار، وكميات من المحروقات وشراء أسلحة وذخيرة وطائرات مسيّرة وتكاليف صيانة الأسلحة.

3- تم تدبير مجموعات من سلاح البحرية التركية قبالة الساحل الليبى لتأمين نقل الأسلحة والأفراد.

4- تم عمل جسر جوى من تركيا إلى ليبيا بواسطة طائرات سى 130 العملاقة.

5- حطت طائرات مقاتلة قاذفة تابعة لسلاح الجو التركى فى قاعدتين قرب طرابلس.

6- تم تركيب عدة بطاريات صواريخ أرض جو لتأمين الساحل ومحيط منطقة طرابلس والقواعد التى تحت سيطرة ميليشيات الوفاق.

7- يوجد قادة وخبراء إدارة معارك وضباط استطلاع لتوجيه الميليشيات والمرتزقة.

8- توجد موارد مهمة لدعم مبيعات السلاح لليبيا آخرها قيام البنك المركزى الليبى (الموجود فى طرابلس والذى يخضع لحكومة السراج غير الشرعية) بتحويل مبلغ 169 مليون يورو مباشرة إلى حساب شركة SSTK التركية، وهى شركة تأسست عام 2016 مملوكة بنسبة 100٪ لصناعة الدفاع التركية، التى يشرف عليها أردوغان وتشرف أيضاً على نفقات نقل المرتزقة إلى ليبيا.

ثانياً: العناصر السلبية الضاغطة:

فى ذات الوقت، لا يمكن لأردوغان أن يتجاهل عدة عناصر تجعل مغامرته العسكرية فى ليبيا عملية خطرة على قواته، وعلى حزبه، وعلى مستقبله السياسى، يمكن إجمالها على النحو التالى:

1- تجاوز خط سرت - الجفرة، هو دعوة مباشرة إلى المواجهة العسكرية مع جيش مصر الأكثر عدداً وعُدة بشكل لا مجال فيه للمقارنة.

2- تجاوز الخط يعطى الغلبة للقوات المشتركة من جيش حفتر وقبائل شرق ليبيا والجيش المصرى الذين يعرفون جيداً مسرح القتال وطبيعة التضاريس والمواقع الاستراتيجية فى هذه المنطقة.

3- تجاوز الخط يجعل أى قوات متجاوزة تحت رحمة السطوة الجوية للطيران المصرى المزود بالرافال الفرنسية، والميج الروسية، والفانتوم الأمريكية، وطائرات الهليكوبتر المسلحة صاروخياً مثل الأباتشى والتشينوك الروسية.

4- يمكن فى هذه الحالة أن يتسع مجال الحرب فتتدخل اليونان وقبرص بحرياً وفرنسا وروسيا والإمارات جوياً.

5- موقف الاتحاد الأوروبى بسبب تحرش أردوغان بالعديد من دوله سياسياً رافض للدور التركى فى ليبيا، وهناك دعوة من ماكرون لدول الاتحاد لبحث الموضوع.

6- التحرش البحرى للفرقاطات التركية مع قطع بحرية فرنسية ويونانية وقبرصية وكلها دول أعضاء فى «الناتو» يجعل دول الحلف غير مؤيدة لمغامرته.

7- دول قمة برلين التى اجتمعت من أجل ليبيا تشعر بخيبة أمل عظمى بسبب استهتار تركيا بتعهداتها فى هذا المؤتمر من خلال نقل المرتزقة السوريين الإرهابيين، وشحن الأسلحة المستمر إلى ليبيا.

8- هناك إسرائيل التى تراقب الموقف بدقة شديدة، خاصة أن اتفاق «أردوغان - السراج» فى ديسمبر 2019 الخاص بترسيم الخطوط البحرية وحق التنقيب عن الغاز فيه مخالفة واعتداء على اتفاقات وخرائط وخطوط دول شرق البحر المتوسط التى تضم إسرائيل.

9- يدرك أردوغان أن الموقف المصرى فى حال التدخل العسكرى فيه «إبراء ذمة» و«غطاء سياسى دولى» بعد بدء مصر بمبادرة السلام. ولا يخفى عليه أن الأصدقاء فى طهران يعانون بشدة من هبوط تاريخى غير مسبوق لـ(التومان) أى العملة الوطنية الإيرانية، بحيث وصل سعر الدولار الأمريكى إلى 20 ألف تومان!

آخر جراح أردوغان هى القذائف الكلامية التى وجهها له حليفه السابق أحمد داود أوغلو، فيلسوف حزب العدالة والتنمية، الذى خرج أمس الأول مهاجماً الرئيس التركى.

قال أوغلو: «إن أردوغان دمر اقتصاد تركيا وأنه -أى أوغلو- شاهدٌ على فساد الرئيس التركى»، وهدد بالكشف عن مصير الـ 16 مليار دولار التى اختفت من الموازنة العامة.

وأضاف أوغلو: «لقد خسفوا بمكانة تركيا الأرض»، ويقصد أوغلو بذلك رجال الأعمال المقربين من نجل وصهر أردوغان.

كل شىء بالحسابات الدقيقة يجعل أردوغان الآن فى حالة صراع شديد يكاد يمزقه إلى أشلاء، فهو فى صراع بين «الرغبة» و«القدرة»، وبين «أحلام الفوز» و«تبعات الخسارة»، وبين «مجد تركيا القوية»، و«شماتة خصومه» فى الداخل والمنطقة والخارج، وما أكثرهم!؟

هنا نأتى إلى الحسابات الاستراتيجية فى حال فكّر أردوغان فى المغامرة؟ فكيف سيدير مغامرته الحمقاء؟ وما هى عناصر القوة التى لدى كل طرف؟

غداً -بإذن الله- نكمل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أردوغان» وخط «سرت» 2 «أردوغان» وخط «سرت» 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates