بقلم - عماد الدين أديب
هل تعرفون ما هو أقوى من الموت؟إنها تفاصيل الموت!الموت هو الحقيقة الثانية والنهائية للإنسان، كل إنسان، أى إنسان، منذ بدء نزول سيدنا آدم على الأرض حتى قيام الساعة.الحقيقة الأولى أننا نولد، والثانية أننا نموت، ولكن موتًا عن موت يختلف.أن يموت الإنسان بتفجير أو دفعة مدفع رشاش أو بالحرق أو ينصهر مع هواء قنبلة ذلك هو المؤلم.تفاصيل التفاصيل هذا النوع من الموت هو المؤلم.بهذه التفاصيل تأملت وتوجعت كإنسان لفقدان كثير من الأحباء الأعزاء الأصدقاء الذين عرفتهم وارتبطت بهم.عرفتهم كبشر من لحم ودم ومشاعر وتفاصيل.عرفتهم وعرفت عائلاتهم وعاداتهم، وعشت معهم لحظات فرحهم ولحظات معاناتهم.فقدان مثل هؤلاء يسبب وجعاً لا نهائياً فى القلب، يصعب تجاوزه، ويستحيل نسيانه.تداهمك الذكرى، وتتخيل صور لحظاتهم الأخيرة فى استيقاظك، وتتحول إلى كوابيس قاتلة أثناء نومك.تألمت حينما تذكرت كيف تفحمت جثة الحبيب رفيق الحريرى من جراء أطنان من المتفجرات.تألمت حينما فقدت العزيز الصحفى الشجاع سمير قصير، وعشت لحظات الألم اللانهائية مع رفيقة عمره السيدة الإعلامية «جيزيل خورى».تألمت حينما علمت أن الزعيم التاريخى للثورة الفلسطينية ياسر عرفات مات مسموماً من قبل العدو الإسرائيلى.تألمت عندما فجروا العزيز «وسام الحسن» رئيس فرع المعلومات المميز البارع فى سيارته.حتى تلك الزعامات التى نختلف معها فى الرأى، مثل الطريقة غير الإنسانية التى تم بها قتل العقيد معمر القذافى بواسطة شراذم من الغوغاء، أو الطريقة المهينة المليئة بالغل والقسوة والاستهانة بالروح البشرية التى تم بها إعدام الرئيس صدام حسين.كلهم ماتوا، لاقوا ربهم، ولكن تفاصيل إنهاء حياتهم كلها تتجاوز كل عُرف إنسانى، وكل دين، وكل نوعية من الأخلاق.كل هذه الدماء، كل هذه الوحشية، كل هذا الجنون مخيف، مرعب، فوق الخيال، فوق التصور الإنسانى.من أين جاءت هذه العقول المتوحشة؟من أى رحم ولد هؤلاء الذين قتلوهم؟هل نزلت الشياطين إلى الأرض لتتلبس أرواح وأجساد بشر، تنازلوا عن بشريتهم وتحولوا إلى جزارين موتورين قتلة مصاصى دماء.إنى أسأل، كيف يمكن لإنسان يعيش فى عام 2020 ويتصرف أسوأ من سلوكيات إنسان العصر الحجرى بهمجية ودموية مجردة من أبسط قواعد الأخلاق.لا يمكن، وأكرر لا يمكن، لمخلوق عرف الله للحظة واحدة، أو فى قلبه ذرة وحيدة من مخافة الله أن يتحول لأداة قتل لأبرياء.من أين جاءت كل هذه الوحشية؟ ولماذا هناك امتياز حصرى للقتل على الهوية فى تلك المنطقة من العالم؟فى الوقت الذى يبحث فيه العالم عن علاج للسرطان ولقاح لفيروس الكورونا أو اختراع علمى يفيد البشرية أو يطلقون مركبات للفضاء، يسخر بعضنا كل إبداعه العقلى ومجموع طاقاته للبحث عن أكبر قدرة للتدمير والبحث عن أعلى نوعية من المتفجرات؟هل أصبحنا قتلة بامتياز وفشلنا فى أن نحقق إنسانية الإنسان على الأرض؟كل هذه الدماء لا ترضى خالق الأرض والسماء، ولا تتفق مع رسالات وعظات 123 ألف نبى ورسول أرسلهم الخالق لهداية البشرية.تفاصيل الموت أقسى من الموت، وأرواح الضحايا سوف تظل تطارد قاتليهم، إن لم يكن فى حياة البشر فحتماً يوم الحساب العظيم أمام مليك مقتدر لا يظلم عنده أحد.ولا حول ولا قوة إلا بالله.إنها هيستيريا القتل المجانى يرتكبها جزارون باعوا أرواحهم للشيطان.