متى تسأل «هل حان موعد الرحيل»

متى تسأل: «هل حان موعد الرحيل؟»

متى تسأل: «هل حان موعد الرحيل؟»

 صوت الإمارات -

متى تسأل «هل حان موعد الرحيل»

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

نحب التعيين ونكره الاستقالة! نعشق السلطة ونستميت للبقاء بداخلها! نعتقد -كذباً- أن القوة فى المنصب، والضعف هو أن تكون بدونه! ندفع فاتورة البقاء مهما كانت مكلفة حتى لو كانت فاتورة خسائر لا نهائية!لم نفهم أن سنة الحياة تقوم على عدم الأبدية، وأن كل شىء مؤقت، مجهول البداية ومجهول النهاية، إنها دراما إنسانية يكتبها حصرياً صاحب النص، وهو الخالق، بطريقته التى يشاء، وينهيها كيفما يشاء، فهو وحده الذى لا يُسأل عما يفعل لأنه الله الخالق الواحد القهار سبحانه.فلنتأمل ذلك الصراع المحموم على البقاء فى السلطة فى العراق، حتى جىء بالرئيس من حفرة، وذلك المشابه فى ليبيا حتى قبضوا على الزعيم فى ماسورة مياه فارغة، وذلك الذى ترك تونس فى طائرة هارباً، والآخر الذى يصر أن يموت شعبه حتى يبقى هو على قيد الحياة فى سوريا.بعض الزعماء يؤمنون بأنهم ولدوا لسبب واحد وحيد وهو أن يكونوا زعماء فقط لا غير!بعض الحكام يؤمنون إيماناً خالصاً بأنهم هدية السماء إلى الأرض كى يحكموا وينفذوا إرادة الله على الأرض.تسيطر على هؤلاء ضلالات الزعيم الواحد، الوحيد، الخالد، المؤمن، الملهم، الشجاع، الحكيم، المعطاء، النزيه، المقاتل، البطل، المحرر، العادل، القدير، المتمكن، الماهر، المخطط، البارع، الاستراتيجى، المناور، التكتيكى، الثعلب، الماكر، المبدع، كلها صفات لم يخترها لنفسه ولكن مُنحت له من حزب المنافقين المتخصصين فى صناعة الطاغية.الرحيل، يكون بالاستقالة!يترجم الرحيل من المنصب بالاستقالة أو الإقالة أو بالوسائل الجبرية مثل الاعتقال أو النفى أو القتل!والاستقالة هى الفعل المعتاد لترك وظيفة، وهى تعنى التخلى عن مهام ومزايا منصب ما.أحياناً تكون الاستقالة طوعية، وأحياناً تكون نتيجة ضغوط أو محصلة تسوية بين صاحب العمل وصاحب الاستقالة.فى حالة المنصب الرسمى الحكومى، فإن صاحب العمل الحقيقى والنهائى هو الشعب.وإذا كانت السلطات ثلاثاً؛ تنفيذية وتشريعية وقضائية، فإن مصدر السلطات كلها هو الشعب.من هنا يتعين على صاحب المنصب العام السياسى أن يدرك أنه مؤتمن من قبَل صاحب العمل الذى فوّضه وعيّنه فى أداء هذه الوظيفة وهو الشعب.الشعب هو صاحب العمل؛ لأنه صاحب الكلمة النهائية فى منح التفويض أو إنهاء التفويض، وهو الذى يمنح ويمنع، وهو الذى يدفع الراتب والامتيازات والإقامة والانتقالات، بل والوجبات للحاكم. من هنا أصبح واجباً على الحاكم أن يحترم صاحب العمل ولا يحاول اختطاف صفة ملكية الدولة منه!كثير من الحكام لم يفهموا رسائل شعوبهم الغاضبة!لم يفهم عمر البشير صراخ وأنين الشعب السودانى الذى عانى لسنوات من الفقر والفساد والجوع فى بلد يصلح لأن يكون سلة غذاء العالم العربى.لم يفهم صدام حسين أوجاع ظلم «البعث» وجبروت أهل بيته على أموال وأعراض ومصائر أهل العراق!لم يفهم الرئيس زين العابدين بن على، وهو صاحب العقلية الأمنية العميقة، رسالة شعبه إلا قبل ساعات من استقلاله طائرة الرحيل النهائى من تونس حين قال: «الآن فهمتكم».ريتشارد نيكسون، وجورباتشوف، والمشير سوار الذهب، وشارل ديجول، فهموا أن السلطة ليست أبدية، وأن أهم عنصر فى السياسة هو التوقيت، بمعنى اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، ليس مبكراً بحيث لا يصبح سابقاً لأوانه، وليس متأخراً فيصبح غير ذى جدوى.إنها تلك العبارة الخالدة التى تُطرح على كل البشر بأشكال مختلفة سواء فى أعمالهم، أو زيجاتهم، أو علاقاتهم الإنسانية، أو مناصبهم «حان وقت الرحيل».رجب طيب أردوغان من تلك الشخصيات الذى يمكن أن يستميت ليبقى بأى ثمن فادح على مقعد السلطة.يحين وقت الرحيل أحياناً كقرار من الضمير حينما يدرك صاحبه أنه غير قادر على أن يؤدى الأمانة بالشكل الذى أؤتمن عليه!«حان وقت الرحيل»، عبارة غير مطروحة على عقل وقلب ونفسية وضمير رجب طيب أردوغان، فهو الزعيم الأبدى الذى اختارته السماء كى يعيد مجد الخلافة العثمانية ويستعيد السيطرة على 29 ولاية تركية!«حان وقت الرحيل» سؤال يرفض الرئيس الدكتور بشار الأسد أن يطرحه بالرغم من استشهاد أكثر من نصف مليون مواطن، وجرح وإعاقة أكثر من 4 ملايين، ونزوح ولجوء 12 مليون مواطن، وحجم خسائر مباشرة وغير مباشرة تقارب نصف التريليون دولار بأسعار اليوم.«حان وقت الرحيل» عبارة يرفض الشيخ الوقور الجنرال ميشيل عون أن يطرحها على نفسه بعد أن وصل لبنان فى عهده إلى قاع القاع وحضيض الحضيض وأفلست المصارف، وجاع الناس، وأصبح نصف الشباب بلا وظائف، وفقدت العملة الوطنية كل قيمتها! والآن يعيش 300 ألف لبنانى بلا مأوى، بلا دخل، بلا شىء!الجنرال عون، للأسف، ما زال يعيش فى واقع افتراضى صنعه لنفسه وتذكيه الدائرة الضيقة المحيطة به، بأن لبنان بعد الانفجار خرج من الحصار، وأن تلك المكالمات التى تأتيه منذ 4 أغسطس الحالى من زعماء العالم هى تقدير له واعتراف بعهده ومحاولة دولية وعربية لتصحيح خطأ المقاطعة والعقوبات!ولأن الجنرال عون لم يدرك بعد أنه قد حان وقت الرحيل، فإنه يرى فى الأزمة فرصة للبنان.نعم هناك فرصة للبنان، ولكن ليست لك ولا لصهرك، ولا لعهدك.نعم هناك فرصة للبنان كى يبنى نظاماً جديداً، بقواعد مختلفة، برجال آخرين، بمؤسسات محترمة، بحكم نزيه شفاف، غير طائفى، يعتمد على الكفاءة، عابر للطوائف.نعم هناك فرصة للبنان، حينما تدرك وتتعلم يا سيدى درس التاريخ أنه قد حان وقت الرحيل.حان وقت الرحيل، الآن، الآن، وليس غداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تسأل «هل حان موعد الرحيل» متى تسأل «هل حان موعد الرحيل»



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates