«مشروع أردوغان» تتريك العرب

«مشروع أردوغان»: تتريك العرب!

«مشروع أردوغان»: تتريك العرب!

 صوت الإمارات -

«مشروع أردوغان» تتريك العرب

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

هناك مشروع حقيقى يُطبَّق أمامنا الآن لـ«تتريك العالم العربى»!

التتريك - ببساطة - يعنى إعادة «الولايات العربية» الـ29 التى كانت خاضعة للاحتلال التركى لمدة 400 عام، مرة أخرى، وبصيغة عصرية، يقودها رجب طيب أردوغان.

يريد الرجل أن يكون الطبعة الجديدة لمثله الأعلى فى التاريخ العثمانى السلطان سليمان الأول الذى حكم من 1520 إلى 1566م. ليعيد مجدها.. مجد الخلافة، كى تلعب دور الوصل بين الشرق الإسلامى والغرب المسيحى من خلال إعادة سيطرتها القديمة مرة أخرى (مثل عهد سليمان الأول) على البحر المتوسط، والبحر الأحمر، والبحر الأسود، والخليج العربى، والمحيط الهندى.

لن يتغير العقل السياسى العثمانى الجديد المسكون بالثأر التاريخى من كل من بريطانيا وفرنسا لتوزيع تركة الرجل المريض عليهما.

لم ينسَ أردوغان ذلك، لكنه يطلب من كل أقليات المنطقة وكل شعوبها أن تنسى مجازر الخلافة ضد الأرمن والأيزيديين والأكراد والآشوريين، وضد أهل المدينة المنورة فى عهد فخرى باشا، وضد السوريين فى عهد جمال باشا السفاح!

ذاكرة أردوغان ما زالت ترغب فى معاقبة فرنسا وبريطانيا والعرب!

عقب الحرب العالمية الأولى قامت بريطانيا وفرنسا بعقاب تركيا التى انضمت لألمانيا، وأنهتا فعلياً ورسمياً الخلافة والخليفة والنفوذ والاحتلال، وتقاسمتا 29 ولاية تركية تابعة للخلافة العثمانية أصبحت الآن 42 دولة مستقلة ذات سيادة.

وها هو أردوغان الآن يعود لاستخدام جيشه البالغ 670 ألف جندى وضابط، المدجج بموازنة سنوية 20 مليار دولار، والذى بلغ ترتيبه الـ15 فى جيوش العالم ليعيد بقوة الخلافة الاستعمارية.

أزمة العقل العربى المعاصر أنه فاقد للذاكرة التاريخية، ووقائع وتفاصيل التاريخ السابق والتاريخ الحالى، لذلك يتعين على أنصار المشروع الأردوغانى من العرب أن يقرأوا جيداً ماذا فعلت 400 سنة من الاحتلال العثمانى للمنطقة العربية خلال سنوات ظلم وعبودية وتخلف ودماء واستخدام حقير لشعار الإسلام الحنيف، بدأت مساحتها بأكثر من 5 ملايين و200 ألف كم عام 1684م.

على أنصار المشروع الأردوغانى أن يعودوا إلى السجل الأسود لجرائم وفظائع العثمانيين -المطلوب عودتهم الآن- ضد العرب عامة وضد الأقليات خاصة، وانتهت أولى مراحل هذا الاستعباد بتقلص أراضى الخلافة إلى مليون و800 ألف كم عام 1914.

على هؤلاء أيضاً أن يدرسوا النهب الاستعمارى المنظم لما عُرف «بالولايات» بدءاً من الضرائب التى يفرضها الخليفة إلى سرقة العقول والعمال المهرة وسخرة العمال واستعباد الجنود فى جيش الخلافة.

إلى هؤلاء.. إن التاريخ يقدِّر قتل أكثر من 2٫5 مليون عربى وأرمنى وتشريد 18 أقلية أخرى!

كل هؤلاء ضحايا حروب، وغزوات، ومجازر جماعية، وتعذيب فى سجون ومعتقلات الاحتلال التركى.

لن يغفر العقل العثمانى الاستعمارى الذى يتجدد بقوة الآن للعرب أنهم «خانوا» الخلافة، وأنهم قاوموا الولاية العثمانية وسعوا إلى الاستقلال وإنشاء الدولة الوطنية.

الآن عرب الخلافة القديمة غير عرب اليوم.

عرب اليوم لديهم أكبر مخزون نفطى فى العالم، ودولهم المطلة على شرق المتوسط واعدة بأكبر احتياطى للغاز، ولديهم سوق استهلاكية متعطشة للاستهلاك، ولدى دولهم صناديق سيادية واستثمارات خارجية لا تقل عن خمسة تريليونات من الدولارات.

لم يمنح الله تركيا أردوغان: آبار نفط فى أراضيه، ولا غاز فى قبالة ساحله، ولا فوائض نقدية مؤثرة!

ولكن منحه الله: جيشاً قوياً، صناعة عسكرية متقدمة، عضوية فى حلف الأطلنطى، قاعدة استراتيجية فى «إنجرليك»، التحكم فى مضيقى البسفور و«الدردنيل».

أراد أردوغان أن يستخدم عناصر القوة لديه لتعويض عناصر الضعف والنقص من خلال مشروع شرير يستخدم القوة العسكرية الحمقاء تحت مظلة مثقوبة ترفع كذباً الشعار الإسلامى!

مشروع أردوغان الشرير يهدف للسيطرة على ولايات الخلافة القديمة فى دول العرب ودول البلقان.

أزمة أردوغان أن العالم تغير ولم تعد الحروب بالخيول والجمال وبنادق الصيد القديمة.

عرب اليوم، مهما كانت مشكلاتهم وأخطاؤهم التى نصرخ منها ليل نهار، لن يمدوا البساط الأحمر المفروش بالزهور، بل إذا دعت الحاجة فإننى أرى طرقاً كثيرة ملطخة بالدماء لمواجهة هذا الجنون الأردوغانى.

نظرية أردوغان تقوم على 4 عناصر يراها ممهدة وداعمة لمشروعه الاستعمارى:

1- الصمت العربى منذ عام 1973 لاستمرار المشروع الاستيطانى الإسرائيلى حتى وصلنا إلى ضم القدس، ثم الجولان، ثم إعلان ضم الضفة بعد أيام قليلة.

2- السكوت العربى على عربدة إيران فى لبنان وسوريا وغزة والسودان (سابقاً) واليمن.

3- اضطراب النظام الدولى الذى يمر بمرحلة «سيولة وارتباك» فى عهد دونالد ترامب، مما يخلق فراغاً يسهل لأردوغان استغلاله وخلق أمر واقع بالقوة فى العراق وسوريا ومدغشقر وقطر من خلال وجود عسكرى دائم ومؤثر.

4- تعامل عناصر محلية مارقة فى المنطقة العربية مع تركيا ضد المصلحة العربية مثل قطر، والسودان فى عهد البشير الذى وافق على إقامة قاعدة تركية فى سواكن، ونظام الحوثيين فى اليمن، والعملاء فى شمال شرق سوريا، وجبهة النصرة والقاعدة وبعض الدواعش فى ليبيا تحت غطاء ممثل الإخوان المسلمين «السراج» ذى الأصول التركمانية.

إذاً جنون العقل السياسى، العقدة التاريخية ضد العرب، القوة العسكرية، تعاون العملاء، بيع وهم إعادة الخلافة الإسلامية، التمويل القطرى، غض البصر الروسى، انتهازية الأمريكيين، ضعف رد الفعل العربى، كلها شجعت أردوغان للإقدام على مشروعه الشرير.

خطأ أردوغان العميق والقاتل أنه لا يفهم قانون الفعل ورد الفعل لدى العرب.

يقول التاريخ، وهو خير معلم، إنه مهما طال الزمن أو قصر لا يمكن أن يقبل الجنس العربى خلافة عثمانية قديمة أو جديدة.

يا للخسارة العظمى، كنا نحلم بأن تكون إيران وتركيا شريكتين للعرب والمسلمين فى تقديم نموذج عصرى محترم للتعاون واحترام السيادة وتحقيق الرفاهية للجميع.

للأسف لن يحدث ذلك فى ظل وجود أردوغان على رأس الحكم فى تركيا. لذلك لن ينجح مشروع «تتريك العرب» بإذن الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مشروع أردوغان» تتريك العرب «مشروع أردوغان» تتريك العرب



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates