واشنطن تدعم تركيا وتتخلص من أردوغان

واشنطن تدعم تركيا وتتخلص من أردوغان!

واشنطن تدعم تركيا وتتخلص من أردوغان!

 صوت الإمارات -

واشنطن تدعم تركيا وتتخلص من أردوغان

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

تركيا تأتى بعد إسرائيل الأولوية الثانية فى منظور المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط، فى ذات الوقت، وبالرغم من الأهمية الاستراتيجية التركية، فإن رجب طيب أردوغان يُعتبر -الآن- العبء الأكبر على المصالح الأمريكية.

تركيا مهمة لأسباب، وأردوغان يشكل عبئاً ثقيلاً لأسباب أخرى.

لماذا؟

تأتى أهمية تركيا الاستراتيجية للمصالح الأمريكية للأسباب التالية:

1- موقع تركيا استراتيجى استثنائى، يحدها من الشمال البحر المتوسط وجورجيا، ومن الشرق أرمينيا وإيران، ومن الجنوب سوريا والعراق وحدود بحرية مع قبرص، ومن الغرب بحر إيجه واليونان وبلغاريا.

وبالتالى هى ذات إطلالات على البحرين الأسود والمتوسط، وذات تأثير على دول البلقان والاتحاد السوفيتى القديم، وأيضاً الشرق الأوسط، وصلة ربط بين الشرق وأوروبا.

2- تأتى قاعدة إنجرليك الجوية التى تقع بجانب مدينة أصفا التركية وهى قاعدة أساسية للقيادة المركزية الأمريكية يديرها سلاح الجو الأمريكى لتشكل أهمية قصوى لواشنطن. وتقوم الولايات المتحدة بالاعتماد على إنجرليك التى شُيدت عام 1951 فى تخزين طائرات ثقيلة حاملة لخمسين قنبلة نووية من طراز (ب - 61).

3- يبلغ الميزان التجارى بين الولايات المتحدة وتركيا مداه منذ عام 1943 ودخول تركيا الحرب إلى جانب الحلفاء عام 1945، وبناء على ذلك تم قبول عضويتها فى حلف الأطلنطى عام 1952.

وتحتل تركيا المركز رقم 32 كشريك تجارى للسلع بما يزيد على 20 مليار دولار تنقسم مناصفة بين صادرات وواردات بين البلدين.

4- العلاقة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل بالغة الأهمية، بالذات فى مجال الصناعات العسكرية والتعاون الاستخبارى بين البلدين وتبادل المعلومات حول العراق وسوريا ولبنان وحول الأكراد والإخوان وداعش وحماس.

وتدرك واشنطن الأهمية القصوى لمضيق البوسفور الذى يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ومضيق الدردنيل الذى يصل الحدود الجنوبية بين قارتى آسيا وأوروبا.

5- فى مرحلة ما، وبالذات فى نهايات عهد حكم جورج بوش وطوال حكم رئاستى باراك أوباما، كان رجب طيب أردوغان «مصدراً يُعتمد عليه بشدة فى إعطاء نصائح للبيت الأبيض حول سياسات واشنطن فى المنطقة».

وتؤكد مصادر مطلعة فى واشنطن أن أردوغان هو صاحب نظرية ضرورة تبنى واشنطن لجماعة الإخوان المسلمين تحت دعوى سوَّقها بقوة تقوم على أنه إذا كانت «القاعدة» هى الإسلام العنيف الذى ضرب نيويورك وواشنطن فى 11 سبتمبر 2001، فإن «الإخوان» هم «الإسلام المعتدل»!

هذا يفسر لنا بوضوح «الهيستيريا» التى أصابت أردوغان عقب فشل حكم جماعة الإخوان لمصر وثورة 30 يونيو 2013.

6- يمثل محور قطر - تركيا، وقاعدتا العديد - إنجرليك، والنشاط الاستخبارى الأمنى المشترك بين أنقرة والدوحة نقطة ارتكاز هامة وحيوية لدى نشاطات هيئة الاستخبارات الأمريكية، حيث تؤدى كل من قطر وتركيا أنشطة بالوكالة عن واشنطن يصعب عليها أن تقوم بها بشكل صريح ومباشر.

هنا يأتى السؤال: إذا كان أردوغان يحقق للسياسة الأمريكية أهدافها فلماذا يتم الحديث الآن عن أنه أصبح عبئاً على المصالح الأمريكية؟

للإجابة عن هذا السؤال يمكن أن نقول الآتى:

مبدئياً أردوغان فى زمن بوش غيره عن ذلك الرجل فى عهد أوباما، ويختلف تماماً عن الشخصية الحالية التى تدير العلاقة الحساسة بين واشنطن وأنقرة الآن فى عهد ترامب.

يصعب على رجل مثل ترامب أن يقبل حليفاً استراتيجياً مثل أرودغان يرتكب الحماقات السياسية التالية:

1- يشترى صواريخ «إس 400» الروسية بدلاً من صواريخ باتريوت الأمريكية.

2- يدخل بقواته شمال شرق سوريا رغماً عن الرضاء الأمريكى.

3- يهدد الولايات المتحدة بإيقاف الخدمات والتسهيلات التى تمنحها تركيا للقوات الأمريكية فى قاعدة إنجرليك.

4- يهدد مصالح وأمن دولتين حليفتين للولايات المتحدة وعضوتين فى حلف الأطلنطى والاتحاد الأوروبى وهما قبرص واليونان.

5- يتجاوز حدود القوة فى منطقة الشرق الأوسط، ويفتح قنوات تعاون استراتيجى مع إيران وروسيا.

6- ينسق مع دول قمة «شنغهاى» من أجل اعتبار «اليوان» الصينى عملة للتداول والتبادل التجارى بين دول المجموعة بدلاً من الدولار الأمريكى.

7- يقوم بعمليات قرصنة بحرية فى شمال شرق المتوسط، مما يشكل تهديداً لخزان الغاز فى المنطقة، والذى تشترك فيه إسرائيل، مما يهدد مصالح تل أبيب.

هذا كله لا يندرج تحت تأثير التصريحات النارية للرجل والمصادمات والخلافات السياسية مع 30 دولة -على الأقل- من حلفاء الولايات المتحدة فى العالم. باختصار أصبح أردوغان مصدر إزعاج لواشنطن.

وباختصار أيضاً أصبح اللاعب أكبر من اللعبة، وهذا فى قانون وقواعد علاقة القوى العظمى بأية قوة إقليمية هو خط أحمر غير مسموح به.

غير مسموح لدى الولايات المتحدة كدولة عظمى، وعند ترامب كرئيس، لأى دولة، سوى إسرائيل، أن تتخطى الخط الأحمر للإرادة الأمريكية فى رسم صورة المنطقة وتشكيل أى منطقة صراع فى العالم.

خلاصة القول: تركيا لا يمكن الاستغناء عنها أو إيجاد بديل استراتيجى لها.

وخلاصة القول أيضاً أن أردوغان أصبح -من منظور واشنطن- عبئاً على الدور الأمريكى فى المنطقة بمغامراته ومصادماته وهيستيريا جنون العظمة لإقامة مشروع تركيا القوية التى تعيد الخلافة العثمانية. الأمر المؤكد أن المغامرة الحمقاء لأردوغان فى ليبيا التى تهدف إلى تحقيق 4 أهداف استراتيجية:

1- الحصول على حصة من غاز شرق المتوسط ونفط ليبيا ومقاولة سمسرة بالحرب بتمويل قطرى.

2- دعم تيار ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين وذلك جزء من سياسته فى المنطقة من سوريا إلى تونس، ومن السودان إلى مصر، ومن مدغشقر إلى الصومال.

3- إيجاد أوراق مقايضة استراتيجية لصالح الأمريكيين من ناحية ومقايضة الروس من ناحية أخرى.

4- مواجهة أنظمة يعتبرها معادية له مثل: اليونان وقبرص ومصر وفرنسا عبر مصالحهم فى ليبيا.

هذه المغامرة هى أكبر أخطاء أردوغان الاستراتيجية حتى الآن التى سوف يدفع عنها فى الداخل التركى وعلى مسرح العمليات فى ليبيا.

من هنا يُتوقع، فى حال فوز ترامب، أن تشهد المنطقة مشروعين متوازيين:

الأول: تدعيم العلاقات الاستراتيجية التركية - الأمريكية.

الثانى: إضعاف أردوغان فى الداخل وتشجيع واشنطن لكل القوى المحلية والإقليمية المعارضة له.

تركيا حليف لا يمكن التفريط فيه، بينما أردوغان أصبح حليفاً لا بد من التخلص منه.

وتورطه فى ليبيا هو بداية العد التنازلى طال الزمن أو قصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن تدعم تركيا وتتخلص من أردوغان واشنطن تدعم تركيا وتتخلص من أردوغان



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates