المقعد الفارغ لا يعيد حقاً بل يضيعه

"المقعد الفارغ" لا يعيد حقاً بل يضيعه!

"المقعد الفارغ" لا يعيد حقاً بل يضيعه!

 صوت الإمارات -

المقعد الفارغ لا يعيد حقاً بل يضيعه

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

هل الامتناع عن التفاوض يؤدى -استراتيجياً- إلى استعادة الحقوق؟يقول السيد المسيح، عليه السلام: «فى البدء كانت الكلمة».وأول شىء علَّمه الله لسيدنا آدم -عليه السلام- هو أسماء الأشياء، فلا كلام بلا مسميات، ولا مسميات بلا نُطق، ولا نطق بلا حوار، ولا معاملات بلا تفاوض.ومنطق «المقعد الفارغ» الذى تتبعه بعض الفصائل الفلسطينية، إن افترضنا حسن النية، فى النهاية يؤدى إلى العدم، والعدم أسرع طريق إلى الاندثار والفوضى والهلاك.المقاطعة فى القاموس السياسى هى: «الامتناع الاختيارى المتعمد عن التعامل، أو الاستخدام مع شخص أو منظمة أو بلد للتعبير عن الاحتجاج».وأول استخدام لمصطلح المقاطعة أو «البويكات» بالإنجليزية، هو صراع مُلاك الأراضى مع السلطة فى أيرلندا عام 1880.ومن المنطقى، أن يكون صاحب قرار المقاطعة له أدوات تأثير، بمعنى أن قرار المقاطعة سيؤدى إلى تشكيل ضغط على الطرف الآخر، مما يجعله فى نهاية الأمر أكثر قبولاً للشروط والنتائج.فى حالة السلطة الفلسطينية، فإن المقاطعة -وهى سلاح احتجاجى مُقاوِم ومشروع ومحترم- تقدم لـ«نتنياهو» على طَبَق من ذهب ذريعة للتهرب من أى التزام فى التفاوض الجدِّى تحت دعوى: «إنهم يرفضون التفاوض»، بينما يستمر جيش الاحتلال فى عمليات عسكرية فى غزة، وتستمر قوى المستوطنين فى قضم الأراضى، ويستمر «الكنيست» فى تشريع هذا الضم.قيمة أى سلاح أو أداة فى الصراع السياسى أن تأتى لصاحبها بنتائج عملية وفعلية إيجابية.هناك فارق جوهرى بين سياسات تسجيل المواقف العنترية فى الرفض والبطولة والممانعة، بينما حقوق الشعب الفلسطينى الصبور تضيع وتتبخر.لا أحد يريد أن يُرغم القيادة الفلسطينية على التفاوض، أو يفرض عليها اتجاه التفاوض.ولكن إذا كانت هذه القيادة تريد دائماً وأبداً أن يكون هناك تطابُق بين السلوك والأفعال الفلسطينية وأشقائهم العرب، بمعنى «المصلحة المشتركة» و«المصير الواحد»، فإنه يتعين على الطرف الفلسطينى أن يدرك أن المعادلة يجب أن تكون منصفة وعادلة من الطرفين!لا تطلب من أحد أن يرتبط بك ويتطابق معك، وأنت وبعد مرور 72 عاماً لم تتقدم خطوة واحدة، وتضعه -معك- تحت رحمة سياسة «المقعد الفارغ».سياسة «المقعد الفارغ» مصطلح عبقرى استخدمه الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتى، واصفاً سياسة المقاطعة لمبدأ الحوار والتفاوض.ضاعت فلسطين فى محادثة 1948، وضاعت فى «اللاءات الثلاثة» بعد هزيمة يونيو 1967، وضاعت فى رفض محادثات جنيف، وضاعت فى رفض حضور مؤتمر مينا هاوس، وضاعت فى رفض قبول تسوية بيل كلينتون فى محادثة بلير هاوس فى واشنطن.هل ذلك يعنى أن الطرف الفلسطينى وحده هو المسئول؟بالقطع لا، فليس سراً أن إسرائيل دولة احتلال استيطانى قامت باغتصاب أراضٍ ومقدسات.وليس سراً أن المفاوض الإسرائيلى يكاد يكون أصعب مفاوض فى العصر الحديث.وليس سراً أن إسرائيل تعتمد سياسة القوة العسكرية الغاشمة فى فرض إرادتها.وليس سراً أن اليمين الإسرائيلى المدنى منه أو التوراتى كلهم لا يؤمنون بمشروع الدولتين، ولكن بدولة واحدة يهودية ذات نقاء عِرقى، وهو العِرق اليهودى.وليس سراً أن «بيبى نتنياهو» هو أكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلية مراوغة وتشدُّداً وكذباً على المستوى السياسى.ولكن هل مواجهة كل ما سبق تكون بالمقاطعة وسياسة المقعد الفارغ أم بـ«الصبر الاستراتيجى» و«الجهاد السياسى» وخلق بيئة سياسية مؤيدة فى الداخل الإسرائيلى، وفى المحيط الإقليمى، وفى المجتمع الدولى؟هناك استحالة نسبية أن يستعيد أى فلسطينى ملليمتراً من أرضه المحتلة وهو منعزل، متفرد، بلا غطاء ودعم عربى ودولى.وهناك استحالة نسبية أن يعود الحق الفلسطينى والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة بالامتناع عن الحوار وشيطنة التفاوض.هناك منطق حسمه التاريخ منذ بدء الخليقة للتعامل مع «العدو المحتل» يندرج فى 3 احتمالات:1- أن تحاربه حتى تستعيد أرضك بالقوة.2- أن تفاوضه حتى تستعيد بعضاً مما هو حقك.3- أن تترك الأمر، وتمتنع عن الاشتباك بالحوار، وتؤجل، وتؤجل، حتى تستيقظ ذات يوم لتكتشف أن كل الأراضى قد تم ابتلاعها فعلياً وضمها قانونياً ولم يعد هناك أى شىء للتفاوض حوله!المقاعد الشاغرة لا تتكلم، ولا تنطق، ولا تُحاوِر، ولا تغير الواقع إلا للأسوأ.حان الوقت أن نتحلى بشجاعة المواجهة ونستفيد من فرصة الحوار الحالية، ولا نعطى فرصة لـ«نتنياهو» كى يقول: «نريد السلام، ولكن للأسف لا يوجد شريك فلسطينى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقعد الفارغ لا يعيد حقاً بل يضيعه المقعد الفارغ لا يعيد حقاً بل يضيعه



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates