«نتنياهو» يريد استسلاماً وليس سلاماً

«نتنياهو» يريد استسلاماً وليس سلاماً

«نتنياهو» يريد استسلاماً وليس سلاماً

 صوت الإمارات -

«نتنياهو» يريد استسلاماً وليس سلاماً

عماد الدين أديب
بقلم - عماد الدين أديب

قل ما شئت عن فاشية وعدوان إسرائيل، ولكن لا يستطيع السياسى المحترف إلا أن يقر لساستها بأنهم يعرفون جيداً إدارة الصراع وانتهاز الفرص وفهم المتغيرات السياسية وحساب الحسابات.إسرائيل هى عدو محترف، يجيد إدارة اللعبة رغم أنه فاقد الشرعية الأخلاقية والقانونية لمشروعه الاستيطانى، بينما يقف الجانب العربى كمثال صارخ للاعب الفاشل لأكثر قضايا العالم أحقية وعدالة.فى النهاية تفوز إسرائيل لأنها تدرك قواعد اللعبة، تستثمر عناصر قوتها إلى أقصى حد، تسعى إلى تعبئة طاقات حلفائها وتحييد خصومها، وإضعاف أعدائها بجميع الوسائل والأدوات المتاحة.منذ ساعات أُعلن رسمياً فى إسرائيل تأجيل الحكومة تنفيذ قرار ضم مستوطنات الضفة الغربية للدولة العبرية.تأجيل القرار لا يرجع إلى استيقاظ الحس أو الضمير السياسى لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولكن لـ4 أسباب موضوعية لا يمكن تجاهلها:أولاً: موقف الإدارة الأمريكية التى توصلت بعد دراسة ومجموعة اجتماعات مكثفة خلال الأيام العشرة الماضية إلى أن صدور القرار الإسرائيلى بالضم الآن ستكون له آثار خطيرة فى منطقة -هى فى الأصل- على حافة الانهيار.وكان البيت الأبيض قد عقد سلسلة اجتماعات مكثفة برئاسة وزير الخارجية، مايك بومبيو، وجاريد كوشنر، المستشار الخاص للرئيس ترامب، وآفى بيركو ينتز، ممثل الولايات المتحدة للمفاوضات الدولية، والسفير الأمريكى لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، وانتهت هذه الاجتماعات إلى ضرورة «تأجيل» القرار الإسرائيلى بضم مستوطنات الضفة وغور الأردن.ووضع هؤلاء فى حساباتهم لتقدير الموقف دقة الموقف الانتخابى للرئيس الأمريكى الآن فى معركة تجديد الرئاسة.ويدرك كل هذا الفريق مدى تشدد بنيامين نتنياهو فى هذا القرار بسبب مشاكله الداخلية فى إسرائيل.ويدرك الجميع أن «نتنياهو» لا يريد سلاماً مع العرب، ولكن يريد فرض استسلام كامل، بمعنى قبول أمر واقع لجميع الشروط الإسرائيلية دون مراعاة لأى اعتبارات لمدى إمكانية قبول الطرف الفلسطينى لهذه الشروط مبدئياً وعملياً على أرض الواقع.«نتنياهو» يؤمن بأنه لا يوجد شريك فلسطينى، ويجب ألا يكون. هذا هوموقف الرجل منذ أن كان عضواً فى الكنيست، وكان ممثلاً لبلاده فى الأمم المتحدة، ومنذ أن خدم فى وزارات الصحة والمالية والخارجية.«نتنياهو» هو أكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلية استمراراً فى الحكم؛ فهو يشغل هذا المنصب منذ يونيو 1996، وتكرر انتخابه عدة مرات، إلا حينما خسر أمام إيهود باراك، وحينما تقاسم السلطة فى حكومات تبادلية.أيديولوجياً وإنسانياً يؤمن «نتنياهو» بأن ثمن اللا سلام أكثر ربحاً له فى السياسة، أكثر من السعى للسلام الحقيقى.ويؤمن الرجل بأن إسحق رابين، الذى قُتل وهو يدافع عن تسوية للسلام، قد أخطأ خطأ استراتيجياً فى سعيه للسلام مع الفلسطينيين والعرب.حارب «نتنياهو» العرب وجهاً لوجه فى الجيش الإسرائيلى فى عدة معارك هى: حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 1973، والغارة الإسرائيلية لغزو لبنان عام 1968، ومعركة الكرامة بالأردن.ولا ينسى «نتنياهو» -أبداً- فقدانه لأخيه الأكبر المقرب له «يوناتان» فى عملية اقتحام الطائرة الإسرائيلية المخطوفة فى مدينة «عنتيبى» الأوغندية.«نتنياهو» ليكودى متشدد، مراوغ يغير تحالفاته ومواقفه بناء على مصلحته الذاتية، لا يؤمن بأى مواقف مبدئية سوى أن بقاء الدولة العبرية لا يمكن أن تضمنه سوى القوة المفرطة.ثانياً: وضع الإدارة الأمريكية مخاطر تأثر الحليف التاريخى لواشنطن، وهو الأردن، لنتائج مثل هذا القرار، وتأثيراته الداخلية على دولة يصل المكون السكانى فيها أن نسبة ذوى الأصول الفلسطينية يمثلون ما يقرب من ثلثى التركيبة الديموغرافية.ثالثاً: استماع جاريد كوشنر إلى تحذيرات من «الأصدقاء» فى السعودية ومصر والإمارات، والأردن، والمغرب من مخاطر وتداعيات القرار.رابعاً: ما وصل إلى السفير الأمريكى فى إسرائيل من تحذيرات شديدة من جانب قوى عديدة من قطاعات مختلفة من المجتمع الإسرائيلى تمثل اتجاهات مختلفة من جميع الأحزاب، عدا الأحزاب اليمينية الدينية المتشددة التى تؤمن بالحق التوراتى التاريخى لليهود فى «يهودا والسامرة».هؤلاء الذين يخشون تداعيات الضم يرون أن «رد فعل القرار على الأمن الداخلى للدولة العبرية سيكون شديد السلبية، وسوف يؤدى إلى تأجيج العنف».من ناحية أخرى كان موقف السلطة الفلسطينية، برعاية الرئيس محمود عباس أبومازن، له آثاره القوية على تشكيل الضغط الأمريكى على «نتنياهو».رفض «أبومازن» أى حوار أو أى اتصال على أى مستوى مع الإدارة الأمريكية أو الإسرائيليين تحت منطق صريح يقول: «وما جدوى الكلام مع مَن ينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ويوافق على ضم الجولان، وضم مستوطنات الضفة»؟وكان «أبومازن» يكرر لزواره مؤخراً أن مثل هذا السلوك الإسرائيلى المدعوم أمريكياً سوف يؤدى إلى تفجير مائة ثورة شعبية فلسطينية لن يستطيع أى إنسان، بما فيها السلطة، السيطرة عليها.رفض «أبومازن» تلقى حصة السلطة من الضرائب التى تحصلها إسرائيل من العمالة والمنتجات الفلسطينية شهرياً.ورفض «أبومازن» أن يصدر أوامره للشرطة الفلسطينية بمنع أو السيطرة على مظاهرات الشباب الفلسطينى الغاضب على قوات الاحتلال أو سكان المستوطنات الإسرائيلية.الشارع الفلسطينى لم يتوقف عن الغضب والاحتجاج، متخذاً جميع الأشكال السلمية المشروعة سواء بالتظاهر أو باستخدام وسائل التواصل الاجتماعى أو بمخاطبة الجمعيات والهيئات الدولية ذات الصلة.«نتنياهو» الآن هو المأزوم الأول لأنه يعانى من 3 أمور ضاغطة فى آن واحد:1- التداعيات السياسية والقانونية لاتهامه بالفساد.2- سوء أداء حكومته فى إدارة أزمة فيروس كورونا، وهى موضوع جدل سياسى واضح داخل الكنيست والرأى العام.3- تربص شريكه فى الحكم «بنى جانتس» الذى يحتفظ بمقعد فى الحكومة الحالية منتظراً دوره للرئاسة بالتبادل طبقاً للاتفاق بينهما بعدما فشل كل فريق فى الحصول على النسبة المؤهلة لتشكيل حكومة ائتلاف تحظى بالثقة النيابية.رغم أن منطقة الشرق الأوسط على حافة التغيير، ورغم أن العرب فى أضعف حالاتهم، ورغم أن ملفات الصراعات تنذر بالخطر فى اليمن والعراق وسوريا وليبيا ولبنان، ورغم انشغال «بوتين» و«ترامب» بانتخابات الرئاسة وضعف الاتحاد الأوروبى بمشاكله المتباينة، وخسائر العالم كله من تبعات «كورونا»، إلا أن هذا الشعب الفلسطينى الأعزل استطاع أن يرسل رسالة صمود ذكية وقوية فى آن واحد.رحم الله الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات حينما كان يردد دائماً: «لا تستهينوا بنا، فالشعب الفلسطينى هو شعب الجبارين».الآن، والآن فقط، فهمنا عبارة «أبوعمار» رحمه الله.تصويب:بسبب خطى الردىء جداً جاء فى مقال الأمس ٣ أمور يتعين تصويبها:٣٤٠٠ سنة قبل الميلاد وليس ٣٤.الدفعة ١١٤ من الكلية الحربية وليس الدفعة ٩١٤.وأخيراً، الفريق محمود حجازى وليس الفريق محمد حجازى.لذا لزم التنويه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نتنياهو» يريد استسلاماً وليس سلاماً «نتنياهو» يريد استسلاماً وليس سلاماً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates