عماد الدين أديب
أتابع، كما يتابع الملايين من المشاهدين، الحوارات المميزة التى تجريها السيدة لميس الحديدى مع الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل فى قناة الـ«سى بى سى».
وفى الحوار الأخير الذى أذيع يوم الجمعة الماضى طرح الأستاذ هيكل مجموعة من الأفكار حول صورة المستقبل، وهى تستحق المناقشة الجادة، سوف أحاول وضع بعض الملاحظات حولها:
أولاً: محاولة تفسير تعاظم دور «داعش» على أنه نتيجة ضعف القوى الصلبة والناعمة فى مصر هى تحميل مصر ما لا تطيق ولا تستحق. إن «داعش» هى تعبير عن حالة فراغ سياسى لسقوط المشروع البعثى فى العراق عقب الغزو الأمريكى، وفى سوريا عقب ثورة الياسمين. إن ظهور «داعش» يعود لفراغ سياسى واحتقان شعبى بسبب طائفية «المالكى» فى العراق، وعنصرية النظام العلوى فى سوريا.
الملاحظة الثانية أن تفسير الأستاذ هيكل لتقاعس إدارة أوباما عن مواجهة داعش يرجع إلى أن «الرئيس الأمريكى لا يريد استهلاك موارده فى هذه المنطقة» هو -فى رأيى المتواضع- تفسير غير كاف.
إن القصة المؤلمة التى نقرأ فصولها ليل نهار حول الدور الأمريكى فى المنطقة فى عهد أوباما ترجع إلى عدم الرغبة وعدم القدرة معاً.
ولو أرادت واشنطن أن تفعل شيئاً لما منعت أصدقاءها من دول الخليج فى التوقف عن دعم المعارضة فى سوريا. ولو أرادت أيضاً إيقاف داعش فى العراق لدعمت التدخل العسكرى البرى من تركيا والأردن ولطلبت من دول الخليج تمويل عملياتها العسكرية حتى يتم حسمها فى أسرع وقت ممكن بدلاً من الوعد بحسم المسألة خلال سنوات. باختصار، اللادور الأمريكى هو عن عجز وعمد بهدف زيادة الفوضى فى هذه المنطقة من أجل إعادة رسم خارطتها السياسية.
ملاحظتى الثالثة هى عن الملاحظات الدقيقة للغاية التى شخّص فيها الأستاذ هيكل مسألة تنظيم مركز القيادة لدى الرئيس عبدالفتاح السيسى ومخاوف الأستاذ من الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وهنا لا بد أن نؤكد أن الأزمة الحالية ليست فى «تنظيم القيادة» ولكن فى أزمة فراغ النخبة السياسية من كوادر يستطيع «القائد» السيسى الاعتماد عليها فى معركته فى بناء «مصر الجديدة».
إن حالة الرئيس السيسى مثل مدرب كرة قدم عالمى يقود فريقاً من اللاعبين الفاقدين للقدرة والخبرة والموهبة فى ظل حالة جنون هستيرى تحيط بالعقل المصرى.
أتفق مع الأستاذ فى حديثه حول أهمية خيارات المستقبل، لكننى أختلف معه حول حالة خصامه مع الماضى.
إصلاح المستقبل لا يمكن أن ينجح فى ظل الثأر من الماضى.
وختاماً، شكراً للأستاذ، وكل سنة وهو بخير.
"الوطن"