بقلم - أسامة الرنتيسي
كمّ التحليلات والتعليقات والفتاوى التي تسمعها من عناصر طبية وصحية، وأيضا من خبراء، أردنيين وعربا حول مطعوم كورونا المنتظر وصوله قريبا يُشعرك أن التركيبة التي تم تصنيعها من قبل الشركات العالمية أنها مستوردة من “بزورية عربية” للأعشاب الطبيعية، بأفكار مختصين عرب.
لو نتواضع قليلًا، ونخفف من تعليقاتنا على سلبيات المطعوم وما قد يحصل من مضاعفات لمن يُلقّح به، ونترك الأمر للجهات الصانعة فهي أعلم وأكثر ثقة من نصائحنا الفارغة.
يكفي أننا خارج معادلة الكون في البحث عن مطعوم لهذا الفيروس اللعين، وانتظرنا نحو عام حتى فُرج الأمر، وأنتجت المطعوم شركات غربية عالمية.
بعيدا عن الكورونا والمطعوم المنتظر، أجمل ما وصل إليً من خلال هاتفي الخلوي في اليومين الماضيين رسالتان كان الهند والهنود محورهما، فيما كانت الرسالة الإنسانية فيهما عميقة، بحيث فرضت عليّ أن أنقلها إلى قرّاء “الأول نيوز” إذا سمحوا بذلك، وإذا طال صبرهم في قراءة المقالة إلى الآخر.
جاء نَصُّ الرسالة الأولى مع صورة للجيش الهندي: “الهند تملك عاشر أقوى جيش في العالم، وتملك (٥) آلاف قنبلة نووية، وهم من اخترعوا الهوتميل والـ USB، ودخلوا مجال المريخ قبل سنة بمركبة فضائية هندية ١٠٠٪، وفيها أكثر رجال العالم ثراءً، فوق كل هذا رئيس جوجل هندي، ورئيس مايكروسوفت هندي، ورئيس ماستر كارد هندي والعربي مازال يقول: شايفني هندي؟!!!.. لا والله شايفك عربي.
الرسالة الثانية، تملك مِن العُمق الإنساني، بحيث ختمها مَن أبدع في صياغتها بعنوان مدهش؛ (ثَمنُ الإنسانية)، وهل للإنسانية ثمن في زماننا المقلوب هذا الذي نعيش أحلك ظلماته؟.
تقول الرسالة: “مهندس هندي كان يجلس في مطعم في الهند، أول ما أحضروا له صحن الأكل لاحظ وجود ولد وبنت صغيرين من الفقراء واقفين يتطلعان إلى صحنه من خارج المطعم عبر الزجاج، فنادى الولد والبنت وأمرهما بالدخول إلى المطعم، دخلا وقعدا إلى جانبه، وطلب منهما أن يختارا شو حابين أن يأكلا، الولد أشار للصحن اللي قُدّام المهندس، قام المهندس وطلب صحنين كمان للولد والبنت وظل جالسًا معهما . بعد ما خلصا من الأكل قام المهندس يستلم فاتورة الحساب، فتفاجأ بأن الفاتورة فاضية ومكتوب فيها من صاحب المطعم : ”نحن لا نمتلك آلة حسابية تستطيع حساب ثمن الإنسانية”.
ثمن الإنسانية يحتاج إلى ترجمة حقيقية في بلادنا خاصة هذه الأيام، بحيث لا تنحصر في أعمال الخير الدعائية والمُتلفزة، والأسئلة في هذا الموضوع كثيرة؛ أبرزها:
لِمَ لا يلتفت المحسنون والمتبرعون إلى تأمين مستشفيات بأجهزة التنفس وغسل الكُلى على سبيل المثال، وهم يعرفون أن مستشفيات كثيرة في المملكة تعاني نقصا في هذه الأجهزة؟.
أليست مُدننا وقرانا ومخيماتنا بحاجة إلى مكتبات وحدائق عامة، أليس في هذه الأعمال أوجه خير، أليس تعليم الطلاب الفقراء وحفظ كرامات العائلات المحتاجة، ومسح الحزن من عن وجوه الأيتام، فعل خير.
ونحن على وجه عام جديد، نأمل أن تتعظم القيم الإنسانية أكثر ونتوقف عن التباهي والتسابق لفعل الخير في موسم الانتخابات وشهر رمضان، وبعد ذلك تُغلق الأبواب وكأن الفقر موسمي يُخفي أنيابه بعد رمضان.!
شايفينا هنودًا ؟!! لا والله شايفينكم عربًا…
الدايم الله…..