كتل هلامية تتشكل في مجلس النواب في بداية كل دورة برلمانية لا يمكن معرفة كيف تشكلت، ولا يكشف اسمها عن طبيعة هُويتها وفكرها.
كتل بلا برامج، يجتمع أعضاؤها حسب العلاقات الخاصة بين النواب، لا نعرف عن هذه الكتل، أهدافها، برامجها، طموحاتها.
يفرط عقدها عند اول انتخابات، ولا ترى انسجاما بين اعضائها في مناقشات البرلمان، ولا في التصويت.
قد نستثني من هذا الكلام كتلة الإخوان المسلمين ومن حولها في كتلة الاصلاح.
حتى في مناقشات البيان الوزاري والثقة في الحكومة وفي مشروع الموازنة المنتظر خلال الاسابيع المقبلة، لن يلتزم أكثرية النواب بكلمة الكتلة، وسوف نسمع كلمات لنحو 130 نائبا، فهي فرصة للحديث امام القواعد الانتخابية، واستعراض العضلات بسبب البث التلفزيوني.
يوم الاثنين توزيع اللجان واختيار رئيس وأعضاء لها لن يخضعان لقوة الكتل وأعدادها، وما يرشح أن هناك ترتيبات وتزبيطات يتم التفاهم عليها، بحيث أصبح معظم رئاسات اللجان شبه محسوم.
لم يبدأ مجلس النواب الجديد أعماله لكن حجم الكُره الذي يكنّه عموم الشعب الأردني للنواب شيء لا يُصدّق.
مُقصِّرة جدا مجالس النواب التي لا تقوم بإجراء دراسة علمية اجتماعية عميقة لهذه الظاهرة، ويفهم جيدا لِمَ وصلت الحالة إلى ما نحن عليه، بحيث يفرح المجتمع إذا سجن نائب، أو اقتيد إلى مخفر، ويتشفى بالنواب على كل خطأ، وللأسف يذهب الصالح في عروة الطالح.
محاولة شيطنة أعضاء مجلس النواب في أعين الشعب الأردني محاولة خطيرة جدا، لا تفيد المجتمع ولا الحالة السياسية بشيء.
يخطئ أيُّ إنسانٍ، مواطنٍ بسيطٍ، أو مُسيّسٍ، عندما يهاجم وينتقد البرلمان والحياة البرلمانية، اذا ما وقع أحد أعضاء المجلس في خطأ، او فعلٍ سلبيٍ، لأن لا حياة سياسية في البلاد من دون حياة برلمانية، ولا تطورا للبلاد من دون الفعل البرلماني الحقيقي.
انتقاد تصرف وسلوك نائب مهما كان حجم هذا السلوك، فعل طبيعي وحرية رأي وتقويم، أمّا انتقاد مجلس النواب عمومًا، والهجوم على الحياة البرلمانية ــ ونحن من دونها أفضل حالا ــ هو كمن يكسر ساقه، ويريد بعد ذلك المشاركة في سباق الرالي.
في مجلس النواب الجديد أعضاء يستحقون نقد سلوكهم وتصرفاتهم، وفيه من الكفاءات والخبرات والعقليات العصرية، التي تستطيع ان تسير بالبلاد نحو التقدم والرقي.
وكان فيه مَن يحمل بلالين ويصدر كل يوم بيانا، وفيه من يحمل قائمة خدمات وإعفاءات علاجية، ولا يُفكِّر إلّا بطريقة “عشاكم بكرة عندي…”
الحياة البرلمانية هي سلطة الحكم الأول في البلاد حسب الدستور، فالحكم نيابي مَلِكي، ولا نستطيع أن نعبر بالأردن الحديث إلى مراحل متقدمة آمنة من دون تطوير الحياة البرلمانية.
وجود الحياة البرلمانية مهما اختلفنا على تقويم أداء أعضاء المجلس، ضروري ومصيري للبلاد وتطورها، ويبقى دورنا في المراحل المقبلة أن نضغط للوصول الى قانون انتخاب عصري عادل يضمن انتخاب أعضاء أكفياء “خيرة الخيرة” في البلاد، ممن حرمتهم قوانين الانتخاب الرجعية، وتجارب التزوير العديدة، والملاءات المالية ومواجهة الحيتان، من الوصول الى قبة البرلمان.
الدايم الله….