بقلم - أسامة الرنتيسي
مع أن غزة أقرب بكثير من أنقرة، وحضن رام الله أوسع من حضن أردوغان، إلا أن وفدا من حركة (فتح) وصل إلى تركيا، لإجراء لقاءات مع وفد من (حماس)، ستتركز حول إنهاء الانقسام، وتطبيق توصيات لقاء “الأمناء العامون للفصائل”.
طبخة البحص التي عقدت ما بين بيروت ورام الله، واعلن خلالها عن المصالحة بين فتح وحماس، لم تحرك ساكنا في الجسد الفلسطيني المنهك من أثار سنوات الانقسام والصراع، ولم تتجاوز العشرات الذين خرجوا فرحين بالإعلان، وهم يعرفون أن هذه “المصالحة مو صالحة”.
للمصالحة شروط وقنوات حتى تصل الى المستوى الوطني العام، وتخرج عن مصالح ونوايا الفصيلين المأزومين، فتح وحماس.
محمود عباس ومن ورائه فتح يريدون الافراج عن أنفسهم، ويريدون – خاصة عباس – أن يبيعوا هذه المصالحة على الفلسطينيين اولًا وعلى ما تبقى من العرب ثانيًا، وعلى الأمريكان ثالثا.
السلطة الفلسطينية تمر بظروف صعبة جدا نتيجة التعنت الاسرائيلي، ومحاولات فرض صيغة لتصفية القضية الفلسطينية لا يستطيع ان يتحمل وزرها عباس او اي فلسطيني آخر.
حماس أيضا تعيش حالة من العزلة في غزة، والاغلاق الكامل على القطاع، ولا تستطيع في هذه الظروف تأمين حاجات اهالي القطاع الملحة، خاصة مع زيادة التأزيم بفعل الكورونا، وهي في مواجهة فشل المشروع الإخواني في مصر وتركيا، وإعادة التموضع القَطري، باتت بحاجة الى مخلص يساندها، قبل أن تُطاح شعبيا.
المصالحة تحتاج الى خطوات عملية واضحة على الاْرض تتم المباشرة في تشكيل حكومة التوافق الوطني من شخصيات مستقلة، تتحمل مسؤولية حل تداعيات الانقسام، والاشراف على انتخابات مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية.
هذه الخطوات العملية الملموسة تحتاجها المصالحة لإعطاء مصداقية لاتفاق إنهاء الانقسام وقطع الطريق على حقول الألغام التي منعت تحقيق المصالحة منذ سنوات، وعلى المصالح الذاتية لبعض المنتفعين من بقاء الانقسام.
تصريح خبيث من السفير الأميركي في إسرائيل فريدمان تراجع وتلاعب في محتواه بالتعاون مع صحيفة عبرية حول استبدال العضو المفصول من حركة فتح محمد دحلان بالرئيس محمود عباس، قلب كثيرا من أوراق اللعب الفلسطينية، وسرع باللقاءات بين فتح وحماس، مع أن الأخيرة ليست على خصام كبير مع دحلان وحجم التنسيق بينهما في غزة كبير.
المصالحة إن بقيت بين الفصيلين، ولم تهبط الى المستوى الوطني العام، سوف تبقى مصالحة ناقصة لا يمكن ان يتم تركيب قدمين لها لتمشي على الارض شعبيا.
الدايم الله…