أدْمَت فاجعة فتى الزرقاء قلوب الأردنيين، وكل مَن وصل إليهم الخبر وشاهدوا الفيديو البشع.
اكتشفنا أن بيننا مجرمون ليسوا فقط أصحاب أسبقيات وسجناء سابقين، بل فيهم من البشاعة ما لا يمكن وصفه.
حجم التفاعل والتضامن مع حكاية الفتى غير مسبوقة، مثلما هي الجريمة البشعة بهذا الشكل غير مسبوقة.
مثلما كانت الجريمة بشعة، كانت محاولة بعض وسائل الإعلام وبعض المتكسبين لا تقل بشاعة عندما حاولوا استغلال الجريمة لحسابات تخصهم إن كان على شكل سبوقات صحافية او وصول إلى الضحية وإستنطاقه بكافة السبل.
منذ سنوات ونحن نسمع عن أشكال متعددة للبلطجة تتم في شوارع مدننا، وأسماء متعددة في مناطق كثيرة، للأسف صمتنا كثيرا عنها، وتركناها حتى تورمت وأصبحت تشكل ظواهر مخيفة.
انتقلنا إلى البلطجة الإلكترونية خلال السنوات الماضية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت هناك خلايا بلطجة إلكترونية تتحرك بإيعازات معينة، بعضها تابع لدول وبعضها لأحزاب وأخرى لرجالات الحكم والسياسة والمال.
وسائل إعلام رخيصة تُمارس الآن بلطجةً وتنمرًا على مرشحين للانتخابات بهدف ابتزازهم وفرض خاوات عليهم كما يهددون بنشر أخبار ملفقة عنهم، إذا لم يخضعوا لمطالبهم.
بغض النظر عن معنى البلطجة، فمن المؤكد أنها أصبحت من الظواهر المعتادة في حياتنا الحديثة – فرديا وجماعيا ومؤسسيا- وربما تُذكرنا بظواهر القرصنة وقطع الطرق تأريخيا.
في زمن التغيير، وبعد أن أصبحت البلطجة أمرا واقعا، علينا التفريق جيدا بين تشكيلات البلطجة، فهناك البلطجة السياسية، وفي هذا النوع من البلطجة حدّث ولا حرج عن أعمال تزوير واحتكار للسلطة وتلاعب بمصائر الشعوب، وكذلك التظاهرات الفئوية والفتنة التي تهدف إلى تقسيم المجتمعات.
وهناك البلطجة الاجتماعية، وهي نوع من التسلق والنفاق الاجتماعي من أجل قضاء المصالح، وتتجسد أيضا في هؤلاء الوصوليين الذين يشترون المكانة الاجتماعية بأموالهم.
أما البلطجة الثقافية فهي فرض ثقافات معينة على المجتمعات وبثها عبر وسائل الإعلام المختلفة، ونشرها بين أفراد المجتمع وخصوصا الشباب.
وكذلك البلطجة الأمنية من استغلال للسلطة وترويع الآمنين يمارسها بعض ضعاف النفوس.
إن أخطر أنواع البلطجة تلك التي لا ترتبط بالعنف بالضرورة، بل تستخدم أساليب أخرى.
بالمناسبة؛ أتمنى أن لا تنصدموا مثلما صدمت أنا، إذ سمعت رأيا قانونيا من محامٍ حاذقٍ أن حُكم (ابو الزنخ) أحد مجرمي الفتى صالح قد لا يتعدى الخمس سنوات، ويمكن تخفيضها إلى النصف إذا وقع تصالح مع الأهل، وهذا متوقع إذا وضعت قضية صالح وقضية والده في كفتين متساويتين.
لنعترف أن هناك عوار قانوني في تشريعاتنا….
الدايم الله….