طرطوس-سانا
مع طول تجربته التي قاربت الاربعين عاما مازال النحات السوري علي بهاء الدين معلا يدهش النقاد والمتلقين عموما بتجربته التشكيلية على الخشب والرخام والتي تعمق خلالها في تفاصيل التاريخ والحاضر مسجلا بصمة خاصة في التوثيق لسفن الفينيق وصولا الى صنع الآلة الموسيقية.
جعل معلا من أشجار الزيتون الخامة الابرز لاعماله حيث أسره الخشب ورائحة الزيتون والسنديان وحاور الصخر والرخام ودفعته جاذبية البحر الى دراسة تصميم المراكب الفينيقية فصمم مخططاتها منفذا اكثر من ثلاثة مراكب تعج بالتفاصيل الدقيقة لهذه الصناعة العريقة وضمها الى معرضه المنزلي الذي تتناثر فيه تحفه اليدوية ذات العبق الحميمي الخاص.
ويشير معلا في حديث لسانا الثقافية الى ان عدد أعماله الخشبية تجاوز المئتي منحوتة اغلبها من خشب الزيتون الذي لعب في الوان عروقه لخدمة الموضوع ووظفها لتكون جزءا من الشكل الجمالي للعمل مبينا ان أحد أهم أعماله كان صنع آلة القانون التي تعد من أعقد الآلات الموسيقية ليشبع بذلك ميله الكبير للموسيقا بالعزف على الآلة التي صنعها.
ويوضح معلا ان تجربته تضمنت تركيزا على دراسة الكتلة والفراغ والنسب وحوارية الجسد ونقاط الارتكاز لافتا الى انطلاقه من مدارس فنية متعددة وضوابط للشكل تنتمي الى المحور الذي يحقق التوازن في العمل الفني.
والى جانب معارضه الفردية والجماعية يركز معلا الحديث عن مشاركته في ملتقى طرطوس الأول للنحت “أم الشهداء” حيث يبين حرصه على واقعية العمل ودراسته بتأن وعمق ليخرج بمنحوتة من وحي اسم الملتقى تجاوز طولها الثلاثة امتار من الرخام مشيرا الى ان الحرب على سورية بما اختزنته من مآس وآلام وبطولات توجه يد الفنان تلقائيا لمحاكاتها ومن هنا كانت له العديد من الاعمال التي تناولت الشهيد والوطن.
ينتزع معلا في كل عمل له اعجاب زملائه في طرطوس وخارجها اذ يشهد له الفنان التشكيلي احمد خليل بعمق عوالمه بعيدا عن الغموض والابهام حيث يتطلب الغوص فيها وقتا وتبصرا لمتابعة خطوطه اللينة والملتوية التي تجعل المرء عاجزا عن تحديد نهاية العمل معتبرا ان اعماله تثير الفضول للدوران حولها والشعور بأنها تقفز من مكانها متجاوزة حدود البصر.
ويرى خليل ان كل منحوتة لمعلا مقام موسيقي منفرد وايقاع بصري يجعل المتلقي يحلق مع الكتلة كأنه يعيش داخلها ويزيد من تأثره صمت صاحبها الذي يترك أعماله تتحدث عنه دون ان يطيل الشرح.
يشار الى ان الفنان علي بهاء الدين معلا من مواليد عام 1960 له أكثر من 150 عملا نحتيا و نحو 12 مجسما لسفن متنوعة وشارك بعدة معارض محلية آخرها مشاركته في ملتقى النحت الدائم في في قربة النقيب بطرطوس.
أرسل تعليقك