بقلم - أسامة الرنتيسي
خفة دم الأردنيين التي تظهر في الأزمات واللحظات الصعبة الخارجة على المألوف تكاد تُنافس إخواننا المصريين أصحاب النّكات اللاذعة.
بعد فتوى دائرة الافتاء للأردنيين ” من أعطى صوته في الانتخابات لمن لا يستحق فقد خان الله ورسوله” خرجت على صفحات الأردنيين نكات وصور وفيديوهات فيها من العمق ما لا يكاد يصدّقه أحدٌ بأنها من روح شعبٍ موصوفٍ بكشرته الدائمة.
هذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها الأردني فرصة للسّخرية من واقع يعيشه، يستحضر فيها شخصياتٍ ورموزٍ لها صولاتٌ وجولاتٌ في حياته في السنوات الماضية.
أكثر عنوانٍ يجد فيه الأردني ذاته صاحبَ سخريةٍ غيرِ طبيعية في قضايا الفساد التي أكلت الأخضر واليابس في حياته.
قبل سنوات استضاف الأردن مؤتمريْن لمكافحة الفساد، الأول عربي، والثاني إقليمي دُولي شارك في تنظيمه “الانتربول” ومبادرة “استرداد الأصول” بالتعاون مع وزارة الخارجية الأمريكية، وهيئة مكافحة الفساد الأردنية، ويهدف هذان المؤتمران إلى توفير فرصة الجمع بين مختلف جهات الاتصال لمناقشة التقدم على هذه الشبكة ، وبيان الدروس المستخلصة منذ انطلاقها ومدى جدوى هذه القاعدة ومواءمتها لاحتياجات ومتطلبات مستخدميها، ليُصار إلى تحديثها بما يضمن فاعليتها.
وقد شارك في أعمال المؤتمرين ما يزيد على 50 دولة، وعُقدا في أحد فنادق الخمسة نجوم.
خفة دم الأردنيين التي تظهر في الأزمات ، تفتّق عنها كثير من المداعبات حول المؤتمرين، يومها، فأحدهم يقول: إن عددا من الفاسدين قد يكونون من المشاركين في هذين المؤتمرين، وآخر يقول: إن المؤتمرين جاءا للتعرف على آخر ما توصلت إليه أحدث الوسائل في الفساد من أجل تطويره في بلادنا.
وعلى ذكر الدعابة القاسية التي تكشف عن حجم الفساد عندنا، تقول إحدى النكات، إن وزيرا أردنيا زار دولة أوروبية، فتحدث مع نظيره الأوروبي عن الفساد وسرقة المال العام وكيفية محاسبة المتورطين، فقال له الوزير الأوروبي: تخيّل عندنا أنه من الممكن ان تلهف نصف مليون دولار من عطاء لإقامة جسر يربط بين مدينتين، وأشار له للجسر المعني، وبعد فترة من الزمن ردَّ الوزير الأوروبي الزيارة لنظيره الأردني، وفي أثناء المباحثات، ذكَّر الوزير الأردني ضيفه بكلامه عن لهف نصف مليون دولار من مشروع عطاء جسر، وقال هذا الجسر الذي تراه أمامك كلَّف عشرة ملايين دولار، لُهف منها خمسة ملايين.
استغرب الوزير الأوروبي وقال له : لكني لم أر الجسر، فقال له : كان من المفترض ان يكون هنا جسر.
بلا مؤاخذة؛ أعتقد أن خفة الدم سوف تزيد قليلا بعد الخازوق الذي أكله الشعب الأردني في موضوع الكورونا ومن سياسات حكوماته ومن الحال المايل الذي وصل إليه.
الدايم الله…..