بقلم - أسامة الرنتيسي
طعم العيد والمناسبات والاحتفالات جميعها في زمن الكورونا مختلفة عن السنوات الماضية، وسوف يستمر هذا الاختلاف ما دام سر الفيروس غامضًا.
علينا أن نستوعب هذا الاختلاف ولا نضيق منه كثيرا، لأننا قد نتعود في المستقبل على تغييرات جذرية في شتى مناحي حياتنا، لا في الأعياد والمناسبات فقط.
قبل عشرة قرون، وفي لحظة تجلٍ، وقف سيّد الشعراء أبو الطيب المتنبي، وقال: “عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ .. أبما مضى أم لأمر فيك تجديدُ “. إلّا أن أحفاد المتنبي، بعد أن أوجعتهم الهزائم والنكسات والانكسارات، عكسوا عجْزَهم على عَجُزِ بيت المتنبي، فأصبح:”عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ .. فقرٌ وبؤسٌ وإفلاسٌ وتشريد”…والآن نضيف إليها “وكورونا خرّبت كل أجواء العيد..”
بأية حال سيأتي العيد وقد اكتوينا بلهيب أزمات اقتصادية طاحنة، وخوف وقلق على المستقبل، حيث لا يزال سر هذا الوحش الكاسر الذي زار العالم بشكل مفاجئ غامضا، حتى لو كثرت التفسيرات والتحليلات حوله.
يأتي العيد ونحن نسير إلى الخلف في كل شيء، وتتردى أحوالنا الاجتماعية والثقافية والعلمية والاقتصادية.
نعيش حالة رثة من تقديم الخاص على العام، وننتصر للأسرة على العشيرة، وللعشيرة على القبيلة، وللقبيلة على المدينة، وللمدينة على الوطن.
يأتي العيد ونحن في حالة حظر شامل، ونخبنا السياسية يتصارعون في معارك طواحين الهواء، ووجبات دسمة للحديث في العيد، حول تعديل مرتقب على حكومة النهضة، بالله عليكم، لو تم إجراء 10 تعديلات حكومية ماذا سيتغير في عقل الحكومة وكيفية إدارة الحياة في البلاد.
في العيد فرصة ليثرثر الناس عبر الهواتف طبعا عن تطورات ملفات فساد نبشت بعض عناوينها مواقع إلكترونية ولم تتحدث عنها الصحافة التقليدية.
سيسيطر موضوع الانتخابات النيابية ومستقبل مجلس النواب على سواليف الناس، وكل ما يقال في قضية الانتخابات استنتاجات قد تفشلها لا سمح الله بؤرة جديدة للكورونا، ولهذا لا أحد، أؤكد لا أحد لديه تصور حاسم لقضية الانتخابات التي يُجمع الأكثرية على أنها سوف تُجرى قبل نهاية العام.
في العيد فرصة لكي يتغذى مجتمع النميمة على مجموعة تحليلات وأخبار كيف لصغار القوم يتصدرون حوارات الساعة، بعد أن صغر للأسف كل شيء في واقعنا، وأصبح أمّيون قادة رأي وتأثير.
طبعا؛ لا تنسوا ملف الاقتصاد وهو الأخطر، فقد بلغ الدين العام في الأردن 30.829 مليار دينار حتى نهاية آذار (مارس) الماضي، مشكلا 99.8% من النتاج المحلي الإجمالي، حسب ما أظهرته بيانات وزارة المالية قبل يومين.
كل عام والجميع بألف خير وفرح وأمان.
الدايم الله….