الشاعر والموسيقار 2

الشاعر والموسيقار (2)

الشاعر والموسيقار (2)

 صوت الإمارات -

الشاعر والموسيقار 2

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

عزف الملحن الكبير على عوده وشدا بالكثير من ألحانه الرائعة وملأ الأفق سحراً وغناء، وغنت كذلك المطربات العربيات.. أما عن فقرة الرقص فقد تشاركتها الراقصات الشرقيات جنباً إلى جنب مع رفيقاتهن الغربيات. كان الطعام والشراب من النوع الفاخر الذى لم يألفه الشاعر الجنوبى الطيب صديق الكادحين، عاشق الشوارع والحوارى والناس الطيبين. فى تلك السهرة سُفِحت جبال من الكافيار والفواجرا، وأريقت أنهار من الشمبانيا والكورفوازييه، ووجد الشاعر نفسه مأخوذاً بهذا الجو العجيب وهذه الدنيا المخملية التى لم يتصور وجودها.. لا يستطيع أن يصف نفسه فى هذه السهرة بأنه سعيد رغم كل ما بها.. هو محتار أكثر منه سعيدا، ويشعر بغربة وسط هؤلاء الناس. اندفع إلى الطعام والشراب حتى ينخمد داخله هذا العقل الذى يفكر وحتى يتمكن من الاندماج مع الحضور مثل صديقه الملحن الذى بدا فى أحسن أحواله مستمتعاً بالغناء والرقص والطعام والشراب والنساء.. بكل شىء.

فى نهاية السهرة قام متخماً يجر قدميه إلى غرفته وتحسس المفتاح فى جيبه قبل أن يدسه فى الباب ثم يرتمى على السرير فى نوم طويل. استيقظ الشاعر عند الظهر وفرك عينيه ليتأكد أن ما يحدث حقيقى وأنه فعلاً فى لندن. أخذ حماماً سريعاً ثم اتصل بصديقه الموسيقار فى غرفته لكن التليفون لم يرد. عاود الاتصال مرات عديدة بلا فائدة، فنزل إلى اللوبى وتوجه لأحد الموظفين وسأله بإنجليزية كسيحة عن صديقه الملحن. قال الموظف: لقد رحل الشيخ منذ قليل ومعه الحاشية كلها.. رحلوا جميعاً إلى باريس. مادت الدنيا بالشاعر ووقف حائراً لا يدرى ماذا يفعل. كيف نسيه صديقه وانطلق مع الشيخ فى مغامرة جديدة؟، ألم يتذكر أنه أحضر معه أحداً؟.. لقد كان يعرف صاحبه ويعرف إهماله، لكن لم يتصور أن يأتى به من القاهرة ثم ينساه فى الفندق ويسافر!، نظر لنفسه فى جزع.. إنه الآن فى لندن بلا فلوس ولا أوراق ولا ملابس ولا أصدقاء، فماذا يفعل؟.. تهاوى على أحد المقاعد واجماً، ثم قام وأخذ يذرع ردهة الفندق جيئة وذهاباً وهو يفكر فى الموقف الرهيب الذى يتعين عليه مواجهته.. إنه حتى لا يتحدث الإنجليزية حتى يشرح حكايته لموظفى الفندق.. وحتى لو استطاع أن يحكى فماذا بمقدورهم أن يفعلوا من أجله؟.. لقد شعر فى هذا الوقت بالضياع كما لم يشعر به من قبل.

ظل على هذا الحال طوال اليوم ثم ترفقت به الأقدار عندما تعرف عليه بعض النزلاء المصريين بعد أن أخبرهم عن أغانيه التى كتبها لعفاف راضى ووردة ومنير وغيرهم.. حكى لهم ما حدث بالتفصيل فهدّأوا من روعه وأخذوه إلى القنصلية المصرية التى أعادته إلى مصر.

العجيب أنه بعد مرور أسبوع عندما مر عليه فى البنسيون صديقه الملحن بالسيارة فإنه نزل للقائه على الفور.. لم يعاتبه أو يراجعه، لكن فتح له أحضانه ثم ركب معه دون أن يسأله عن الوجهة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشاعر والموسيقار 2 الشاعر والموسيقار 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates