بقلم: سحر الجعارة
اكتست واجهات معابد الكرنك الفرعونية بمدينة الأقصر بألوان ونجوم العلم الصينى، مساء الأحد الماضى، تعبيرًا عن تضامن مصر مع الحكومة الصينية فى مواجهة فيروس كورونا.. وقالت مصادر فى شركة مصر للصوت والضوء والسينما إنه تم التنسيق مع وزارة السياحة والآثار لعمل بث مباشر لإسقاط علم جمهورية الصين الشعبية على واجهة معابد الكرنك بناء على توجيهات القيادة السياسية.. وجرت عملية الإضاءة فى السابعة والنصف مساء الأحد الماضى، واستمرت 30 دقيقة، كما تمت إضاءة «قلعة صلاح الدين الأيوبى» فى القاهرة.. إنها رسالة سياسية بالغة التأثير: نحن أمام كارثة إنسانية ولسنا بمعزل عن الأخطار المحيطة بالعالم.
فلا الحجر الصحى ولا «الماسكات الطبية» يمكنها أن تمنع فيروس «عابر للقارات» من التسلل لأراضينا.. وخلال اجتماع السيد الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، مع الدكتور «مصطفى مدبولى» رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة «هالة زايد» وزيرة الصحة والسكان، وجه الرئيس «السيسى» بمواصلة رفع درجة الاستعداد والجاهزية وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، خاصةً من خلال التعاون والتنسيق بين كل الجهات المعنية بالدولة، وشن حملات التوعية المستمرة للمواطنين من مختلف الفئات، بهدف الإرشاد وتوفير المعلومات والبيانات الحقيقية بدقة، فضلًا عن العمل على الاكتشاف المبكر لأى حالات مشتبه بها، وكذا تشديد الرقابة الصحية على منافذ الدخول للبلاد.
لكن الأوبئة والفيروسات لا تنتظر «تأشيرة دخول» فى المطارات ومنافذ الدخول، وبالتالى تصبح قضية «الوعى الصحى» على رأس الأولويات التى يجب أن تتضافر من خلالها وسائل الإعلام مع الجهات المسؤولة، وأولاها وزارة الصحة.
وبعيدًا عن التصريحات الرسمية، تحدثت هاتفيًا مع الأستاذ الدكتور «يسرى عقل»، أستاذ ورئيس قسم أمراض الصدر بمستشفى المنيل، فقال لى: بدايةً، إن فيروس «كورونا» أضعف من حالة الفزع والهلع العالمى، وإن الوفيات - فى مصر - نتيجة الأنفلونزا العادية تتجاوز الوفيات الموثقة فى العالم نتيجة الإصابة بكورونا، وإنه مع اقتراب موسم الربيع تختفى كل فيروسات الأنفلونزا، ومن بينها «كورونا» بالطبع.
لكن الحديث عن وباء خطير تحول إلى مهزلة جماعية، ومادة للتندر والفكاهة و«الهرى» على السوشيال ميديا، فبدلًا من توظيف وسائل التواصل الاجتماعى لتعريف الناس بطبيعة الفيروس وطرق انتقاله وكيفية تجنبه، اتخذت الحوارات منحى السخرية من عدم الإعلان عن حالات مصابة بالفيروس فى مصر، رغم إعلان فرنسا عن وجود حالات قادمة من مصر مصابة بالفيروس، وكأن الفيروس تحول إلى «مطلب شعبى».. أو أننا نحتاج لتكريس حالة الهلع منه!.
لقد كان لوزير الأوقاف الدكتور «محمد مختار جمعة» موقف مشرف، حين قال إن حماية الأرواح «واجب شرعى»، إذا كانت معرضة لهلاك متحقق.. وخلال مداخلة هاتفية مع الإعلامى «عمرو أديب» فى برنامج «الحكاية» المذاع على قناة (إم بى سى مصر) الفضائية، ذكر أن سيدنا عمر بن الخطاب خرج من المدينة قاصدًا الشام، فقال له رؤساء الجند، إن بالشام وباء، فاستشار عمر الصحابة، فقالوا له ارجع، بينما قال سيدنا أبوعبيدة بن الجراح: «أَنَفرّ من قدر الله يا أمير المؤمنين؟»، فقال عمر: «إنما نفر من قدر الله إلى قدر الله».. وشدد الوزير على أهمية الأخذ بأسباب العلم للتعامل مع فيروس كورونا، والالتزام بتعليمات الوزارات المتخصصة فى هذا المجال وعدم الانسياق وراء الشائعات. وكان لعمرو أديب سؤال محدد حول «صلاة الجمعة»، والتى تشهد جمعًا غفيرًا من البشر، خاصة أن السعودية أوقفت تأشيرات العمرة تجنبًا لنشر الفيروس على أراضيها.. وقد أكد «جمعة» أنه إذا طالب أهل العلم، (يعنى الطب بالقطع)، بإلغاء التجمعات، فساعتها لابد أن تلغى كل التجمعات من مباريات كرة القدم إلى صلاة الجمعة.
وهكذا يجب أن يتم التعامل مع أى كارثة عالمية بجدية وبرأى حاسم وقاطع، فالميوعة فى المواقف ومسك العصاة من المنتصف بمثابة «تضليل متعمد»، تدفع ثمنه الأرواح البريئة التى لم تجد من ينجدها بالوعى والتعريف بالإجراءات الوقائية والإحصاء الدقيق.. وهو ما أعتبره واجبًا علينا جميعًا، كلٍّ فى موقعه.