نحن نغتال الطفولة

نحن نغتال الطفولة

نحن نغتال الطفولة

 صوت الإمارات -

نحن نغتال الطفولة

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

من الذي سرق البراءة من أطفالنا؟.. من الذي أفسد نقاء عالمهم المدهش، واختطفهم ليتعرفوا على «الزومبى ومصاص الدماء»؟.. من الذي روى لهم أن تنظيم «داعش» يغتصب الأطفال الإيزيديات في سن ٨ سنوات، ويختطفون الأطفال ويدربونهم على القتال بالسلاح، ويحرضونهم على قتال أهلهم وذويهم باعتبار أنهم كفار؟.

دعونا نعترف: نحن من ألقى بهم في دوامة الرعب التي ابتلعتنا، الحروب.. المجاعات التهديدات.. وفى المساء تحلو السهرة مع فيلم يمتص عذاب اليوم ويعلقنا على مشانق الخوف علّنا نصادق أشباح عالمنا ونعقد بينها وبين أطفالنا علاقة «صداقة»!.

نحن من جعل الأطفال طرفًا في معاركنا اليومية، وجلسات النميمة المنتظمة التي تستولى على آذاننا، فنسلم الطفل «تابلت أو محمول»، لنتخلص من مشاكسته ونتفرغ لصداعنا المزمن!.

هل نسأل الآن: كيف وصلت لأيادى أطفالنا قصص مصورة تحتوى على حكايات ذبح وحرق واغتصاب، وتُباع على أرصفة سور الأزبكية، بعدما تقدمت النائبة «داليا يوسف»، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة بشأن تداول العديد من القصص الكارثية، تحمل بين طياتها تشجيعًا على العنف الوحشى المشبع بالدماء والقتل، وتنمى في الأطفال فكرة الإرهاب المقبول للدفاع عن شىء ما أو شخص ما.

لنكن أكثر شجاعة ونتجاوز فكرة البحث عن «رقيب ما» أو تعليق الفأس في رقبة وزارة الثقافة، لقد كان الصدمة التي روعت الآباء والأمهات في قصتى «الحداد والقرد»، وفيها يقوم لص بقطع يد فتاة بفأس لسرقة خاتم.. أما «المختار الثقفى»، والصادرة في إحدى الدول العربية، فكما وصفتها النائبة بأنها من وحى ذكرى عاشوراء، وتستعرض ما فعله المختار الثقفى عندما ثأر من قتلة الإمام الحسين، فتصور منظر القتل من قطع الرؤوس والذبح وقطع الأيدى والحرق، وجاء فيها: «أيها الجزار اقطع يديه ورجليه، آمرهم أن يلقوا هذا اللعين في النار حتى يحترق، هذا رأس المجرم انتقامًا لما فعله بالأطفال في كربلاء»!.

وقالت النائبة إنّ القصص المذكورة رغم أنّها «دينية عن الأنبياء والصحابة» بالألوان والرسومات وموجهة خصيصًا للأطفال، إلا أنّها تضم تفاصيل عن الحروب لا يستوعبها الصغار، وصورًا توضح الدماء، وأجسادًا ممزقة ورقابًا تنزف، تحت عنوان «معارك إسلامية خالدة».. وأنا أسأل- بالله عليكم- ألا تدرس هذه القصص نفسها بنفس تفاصيلها الدموية في المناهج الدراسية وكتب السيرة؟!.

وإن شئت إجراء أي تعديل طفيف فيها أو إغفال، أو حتى طالبت بهذا، تصبح مزورًا ومهرطقًا وتدخل في متاهة «ازدراء الأديان».. صحيح أن النائبة «داليا» تساءلت: (أين رقابة وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة على مثل هذه المنشورات التي تزرع الإرهاب المبكر داخل أطفالنا؟، ولماذا نسمح بتداول مثل هذه القصص؟).. لكن التساؤل- في حالتنا هذه- يعد تعليقًا للجرس في رقبة أي قط.

أنا لن أتحدث عن تشريع لايزال طور التفكير ليمنع تداول كتب الأطفال التي تحرض على «التشدد والإرهاب والرذيلة».. لأننا نشتريها بإرادتنا وندفع «دم قلبنا» لمدرس خصوصى يلقنها لأولادنا.. ما دام «التشدد والعنف» من داخل المنهج!.

لن أطنطن بكلام فاشل حول قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996، الذي يُلزم الدولة بتوفير احتياجات الطفل الثقافية في شتى مجالاتها من أدب وفنون ومعرفة، وإنشاء مكتبات للطفل في كل قرية، ويلحق بكل منها دار للسينما والمسرح.. فقط سأقول إن «الثقافة ترف، أما الإرهاب فهو واقع»!.

الإرهاب يسكن بين ضلوعنا وداخل عقول أطفالنا.. أما الأدب والفن فقد حرموهما وجرموهما.. لا تبحثوا عن «رقيب»، بل فتشوا فقط في تراثنا الفقهى والمعرفى والتعليمى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن نغتال الطفولة نحن نغتال الطفولة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates