العدالة ليست شفاهية

العدالة ليست شفاهية

العدالة ليست شفاهية

 صوت الإمارات -

العدالة ليست شفاهية

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

حين كان الدكتور «ممدوح البلتاجى»، رحمه الله، وزيرًا للسياحة، كنت بصحبته ضمن وفد إعلامى لزيارة «المنيا»، إنها «عروس الصعيد»، التى كان «البلتاجى» يحلم أن تكون قبلة للسائحين.. كان مكان اللقاء فى «محطة مصر».. بهدوء لا يخدشه إحساس بالتهديد ولا يبدده «حراسة الموكب»، كنا نسير ونتحاور مع الوزير- كعادتنا- وانطلق القطار بنا.

لم نتصور آنذاك أن «عروس الصعيد» كتب عليها «الترمّل» وفرض عليها لون الحداد، وأن خريطتها يطمسها- فى لحظة- لون الدم.. وأن «أحفاد الفراعنة» قد أصابتهم «لوثة التطرف».. وأن العمى الدينى انتشر لدرجة اغتيال خصال «النخوة والشهامة والمروءة» من وجدان «الصعايدة»!.

منذ ذلك الحين لم أكتب إلا رثاء خلف رثاء، وصراخًا ونحيبًا، كلما لمس القلم حروف تلك المدينة الراقدة بعيدا فى أحضان النيل.. قلقة ومتوترة، تنتحر من شرفة الفتنة لتغرق فى نهر دماء!.

وكانت أنباء المنيا ترد إلينا مثل سكين يقطع شرايين «الوحدة الوطنية» هكذا: أقباط قرية «الفرن» لم يحصلوا على «ترخيص بالصلاة» فقرروا الصلاة فى الشارع، وكأنها إمارة عنصرية متعسفة!.. غلق كنيسة قرية «الفرن» إرضاء للمتشددين الذين تجمهروا ضدها، مرددين عبارات مسيئة وتحريضية فى وجود قوات الأمن!... أصبحت «المنيا» عنوانًا للحزن.. وفى قداس «عيد الميلاد المجيد» العام الماضى وبينما كان رئيس الجمهورية يدشن كاتدرائية «ميلاد المسيح» فى العاصمة الإدارية الجديدة، هاجم الداعشيون مكانًا صغيرًا للصلاة، فى قرية «منشأة الزعفرانة»، وهو مملوك للمطرانية منذ مدة ويقيم فى تلك القرية حوالى 1000 قبطى.. وتعمد الغوغاء، ممن نلقبهم بالمتشددين خطأ «لأنهم إرهابيون»، اقتحام المكان يوم 7 يناير 2019، وتحديدًا بعد صلاة قداس العيد بساعات حتى قام البوليس بإخراجهم منه.. فى أبشع تحد للدولة بكامل أجهزتها.. وكأنما يستعرضون قوتهم فى مواجهة الإرادة السياسية التى أرادته يومًا للمحبة تتعانق فيه أجراس الكنيسة مع أذان المسجد!.

وفى كل مرة تحدث فيه فتنة طائفية، (يدللونها بلفظ مناوشات)، يكون خلفها «شائعة» إما تحويل مسكن إلى كنيسة أو علاقة غرامية بين مسيحى ومسلمة أو العكس.. لكننا لا نسأل أبدًا: من يصنع الشائعة؟.. من يقذف كرة النار لتحرق الجميع دون استثناء، من يتعمد «إفشال الدولة» وتشتيت قوى جنودنا البواسل ما بين الحرب على الإرهاب فى «سيناء» وبين ملاحقة الخلايا الإرهابية الكامنة فى بيوت تحولت إلى مخازن أسلحة؟!.

إلى هنا كان بإمكانك أن تبكى.. تكتئب.. ترفض.. تعتزل الحياة.. حتى جاء المشهد الدامى لـ«سعاد ثابت» المعروفة بـ«سيدة الكرم» التى تعرت من ملابسها، كانت قرية «الكرم» التابعة لمركز أبوقرقاص شهدت عمليات حرق وتعديات على عدد من منازل الأقباط بالقرية، 20 مايو 2016، على خلفية ذيوع «شائعة» عن علاقة عاطفية بين ربة منزل متزوجة «آنذاك» وشاب قبطى متزوج.

هل كانت كلمات الرئيس «عبدالفتاح السيسى» كفيلة لمحو آثار المهانة التى تعرضت لها.. هل داوت جرحها: (أرجو أن السيدة المصرية (متاخدش على خاطرها)، هى ولا كل سيدات مصر، تأكدوا أن إحنا فى مصر نكنّ لكم التقدير والاحترام، ولا نقبل يتكشف سترنا بأى شكل ولأى سبب، محدش يفرق بين المصريين وبعضهم، والقانون هياخد مجراه، كلنا هنتحاسب، اللى يغلط يتحاسب). باسم كل سيدات مصر ورجالها، نطالب السيد الرئيس بأن يستخدم صلاحياته للقبض على الجناة الهاربين.. بعدما عاقبتهم محكمة الجنايات بالسجن المشدد 10 سنوات. إن العدالة ليست شفاهية، لابد من توقيع العقوبة.. ربما تسترد «سعاد ثابت» كرامتها الجريحة وترفع رأسها المحنى.

لم يعد فى القلب مكان لطعنة أخرى، لقد نزفنا واحترقنا عشرات المرات، وصلينا للسلام والمحبة ربما تزول عنا لعنة التطرف والإرهاب.. دخلنا المحاكم «متهمين» بالدفاع عن الوحدة الوطنية، عن حق إخوتنا الأقباط فى الصلاة آمنين «دونما ترويع أو ترخيص».. لم يعد قلبى يحتمل صرخة طفل ولا استغاثة «قس» ولا دموع أم ثكلى ولا نظرة «سيدة الكرم» الحزينة.. لم أعد أتحمل رؤية وجه الوطن مطموسة أو مشوهة.. لأن «اليد العليا» لحزب التكفير، ولأن الدولة عاجزة عن تجفيف منابع الإرهاب التى يدرسها البعض فى مدارس وجامعات «الأزهر»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العدالة ليست شفاهية العدالة ليست شفاهية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates