العلماء في ماراثون الجهل

العلماء في ماراثون الجهل

العلماء في ماراثون الجهل

 صوت الإمارات -

العلماء في ماراثون الجهل

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

بتاريخ 27-08-2019 كتبت هنا فى «المصرى اليوم » تحت عنوان «أين وزيرة الصحة».. عن الخبير السورى «م.م» لعلاج الأمراض المستعصية، والذى يدّعى أنه يعالج الأمراض المستعصية (من خلال تدليك المراكز العصبية للأعضاء المصابة)!. ويدعى أنه يعالج: (آلام العمود الفقرى، آلام الرقبة والكتفين، الصداع المزمن، الجيوب الأنفية، تنميل الأطراف، الربو، والأمراض الصدرية... إلخ) بنظرية «قصار لوجى» التى يتبعها.

وذكرت يأس المرضى، أو عدم قدرتهم على العلاج «العلمى».. وقلت: (إن البشر يتسابقون فى ماراثون تعيس يسير بقدم عرجاء خلف (العلاج بالقرآن، والتداوى بالأعشاب والأشكال الهندسية، والعقار الألمانى اللقيط).. ومن خلفهم كتائب خرافية من شياطين الإنس يلتهمون لحمهم قبل عظامهم، وشياطين الجن التى تحتاج إلى «مشعوذ».

فنحن نعيش فى مناخ معادٍ للعلم، تتكالب فيه «السوشيال ميديا» على عقل الإنسان لتروج من جديد للعلاج بالحجامة والرقية الشرعية لإخراج «الجان» من الإنسان.. ولم أجد عالمًا فى الدين ينبه الناس إلى خطورة هذا التفكير الميتافيزيقى.

بل على العكس بعض كبار العلماء يعتبر أن رفض «التداوى بعسل النحل» كفر وزندقة وخروج عن منهج «الطب النبوى».. رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أتانا برسالة هداية وليس بكتاب طب!.

أخيرا، قال الدكتور «شوقى علام»، مفتى الجمهورية، إن العلم والثقافة ضرورة فى تشكيل وعى الإنسان وتقدم ورقى الأمم والشعوب، مشيرًا إلى أن حضارة كل أمة تقاس بمقدار ونوع ما يقرأ أبناؤها فى شتى المعارف والعلوم.

وأضاف «علام»، خلال محاضرة «مكتبة الإسكندرية»، أن أَولى ما يتقرب به الإنسان من ربه تبارك وتعالى هو العلم، فقد روى الإمام أبو داود فى سننه عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِى الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِى جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».

لكن بكل أسف يحلو للبعض تفصيل مقولة «إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ»، على مقاس «علماء الدين».. وهم كما يروجون «لحومهم مسمومة».. لكن المفتى يعود ليوضح أن: (العلم والمعرفة بشتى أشكالهما النظرية والتجريبية هما ما يتميز به الإنسان عن سائر جنس الحيوان).. ولا أعتقد أنه يقصد شيئا بـ«العلم التجريبى» إلا ما نتحدث عنه من علوم جعلتنا نعيش بأعضاء بشرية ليست لنا، ونطير فوق سحب الفتاوى بطائرات لا ينافسها إلى الهبوط على سطح القمر بمكوك فضائى... إلخ ما حققه «العلم» من تقدم ورخاء للإنسانية. ولأن العلم لا يعترف بالتمييز الدينى ولا بالعنصرية العرقية.. فلن تعرقله أبدًا الفتاوى التى تكفر العلماء وتهدر دماءهم.. ولم يتبق إلا أن تدعو لحرقهم فى ميدان عام كالسحرة فى العصور الوسطى!.

وإن كان فضيلة المفتى يتحدث عن «المعرفة».. فأولها أن تعرف دينك، وهو قطعا لا علاقة له بأكل لحم الأسير ولا نكاح الوداع... إلخ تلك الخزعبلات التى يروّجونها باسم الدين.

المعرفة هى أن تعرف «الآخر» وتقبله، ليس من باب التعايش ولكن لنشر المحبة الإنسانية، وأن تحتك بالثقافات والشعوب الأخرى وتحترمها.. فضيلة المفتى يتحدث عن «الثقافة التى تشكل وعى الإنسان».. ونحن نعيش فى مجتمع يعتبر «الثقافة» رفاهية رغم أنها «الفريضة الغائبة»، وينظر إلى حضارتنا الفرعونية على أنها «أصنام» لابد من هدمها.. ويود أن يحرق تراثنا المعرفى كما حدث للمفكر «ابن رشد».. لقد نجح السادة الفقهاء فى تزييف وعى المواطن وتجريف ثقافة المجتمع وهدم القيم الأخلاقية لتعلو نظيرة «مفاخذة الرضيعة».. نجحوا فى تشريد «العلماء» بين المحاكم والرد على الاتهامات الباطلة، وضاعت هويتنا الحضارية وخصوصيتنا كشعب له تاريخ.. فلا تاريخ يعلو فوق «الفتح العثمانى»!!.

ولكن سيبقى الفكر والعلم.. فكما قال «ابن رشد»: (الأفكار لها أجنحة لا يستطيع أحد أن يمنعها من الطيران).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلماء في ماراثون الجهل العلماء في ماراثون الجهل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates