باصك جنتك

باصك جنتك

باصك جنتك

 صوت الإمارات -

باصك جنتك

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

البداية كانت مع ظهور حركات الإسلام السياسى، وتحديدًا «السلفية التكفيرية»، التى وجدت فى «الميكروباصات» وسيلة متنقلة لنشر فيروس التحريم والحث على ما يسمونه الجهاد، فكانت أصوات «كشك والمحلاوى» تنطلق لتصم الآذان، ولا يملك أحد أن يطالب بخفض الصوت، بزعم أنهم يذكرون «كلام ربنا»، رغم أنهم كانوا ينشرون فتاواهم هم ورؤيتهم للإسلام، وكثير مما ذكروه ليس منزّلًا لنصفه بأنه «كلام ربنا»!.

واستمرت الظاهرة - مع اختلاف نجومها - بعد أن نشطت حركة بيع الأدعية الدينية والسبح ومساجد الصلاة أمام المساجد، خاصة بعد صلاة الجمعة، لدرجة أن البعض ترك التلاوة المصرية للقرآن الكريم التى نسميها «دولة القرآن»، وبدأ يسمعه بلكنة خليجية غريبة بعد أن عادت قوافل العاملين فى الخليج بثقافة الصحراء وأصوات مقرئيهم!.

وفى عصر الإنترنت، تطورت الظاهرة، فأطلقت الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب «النور»- بحسب البوابة نيوز- حملة «ميكروباصك جنتك».. وتستهدف مخاطبة السائقين لتشغيل القرآن الكريم والأدعية والدروس الدينية بدلا من الأغانى، وتداول رواد «السوشيال ميديا» صورًا لعدد من أبناء الدعوة السلفية وهم جالسون على الكراسى وأمامهم جهاز «اللاب توب» مما اعتبره البعض دليلًا على فشل السلفيين فى السياسة واتجاههم للتواجد فى الشارع بأى طريقة.

إلى هنا يبدو أن «الهدف» هو المواطن المصرى، أو فرض هيمنة الدولة الدينية بمظاهرها الشكلية دون النظر إلى الجوهر، لكن إذا تجولت فى الإنترنت ستجد موقعًا مثل «طريق الإسلام» يحث المرشد السياحى وأصحاب المحال السياحية على ما سموه «توظيف السياحة فى الدعوة إلى الإسلام»، بزعم تقديم الإسلام للغرب وتعريفهم بمبادئه السامية وقيمه العالية بعد أحداث 11 سبتمبر، رغم تأكيد الموقع نفسه أن مجال السياحة (لا يعرف عنه إلا أنه مجال ملىء بالمعاصى والذنوب).. وضمنيًّا يطالب الموقع هيئة «تنشيط السياحة» بتوفير كتب مترجمة عن الإسلام، (رغم أنه ليس دورها)، ويوحى للعامل بمجال السياحة أنه إذا قصر فإنه يرتكب ذنبًا أو يترك ثوابًا عظيمًا!.

لم أتخيل أن تتسلل هذه الفكرة من الشبكة العنكبوتية لتصبح واقعًا.. ويصبح شعار المرشد السياحى: «باصك جنتك»، ويعتبر نفسه مسؤولًا عن هداية البشر، ليس لسمو الفكرة، ولكن لأنه تربى فى مجتمع يكفّر السائح ضمنيًّا، ويعتبر أنه يزور «أصنامًا» وأن جولته بالضرورة يصاحبها خمر وزنى والعياذ بالله!.

ولقد استمعنا مئات المرات إلى شباب يعمل فى مجال السياحة وهو يتصل بالبرامج التليفزيونية ليسأل عن طبيعة عمله «حلال أم حرام؟».. وكثيرًا للأسف ما استمعنا إلى ردود من «مشايخ التليفزيون» بتحريم عمله.. فهل يسعى المرشد السياحى لتحقيق التوازن النفسى وأنه يقوم برسالة من خلال عمله المؤثم - فى نظر السلفيين - وأنه «مبعوث العناية الإلهية» لهداية قوم من الكفار لا يعلم حتى دياناتهم وإن كان بينهم مسلم أم لا!.

لو تلقى هذا المرشد قليلا من العلم أو الثقافة لعرف أن بلاد «الغرب الكافر» تسمح للبشر بالتنقل من ديانة لأخرى دون الهوس المصاحب لدخول شخص ما فى الإسلام، ولا الاحتفال الجماعى الذى يصل فى بعض الدول إلى منح من يسلم مكافآت مالية ضخمة!.. ولعرف أن معظم بلدان الغرب تتيح للطفل أن يختار ديانته حين يصل إلى سن الرشد ولا تفرض عليه ديانة أحد الأبوين.. ولو تلقى هذا المرشد قليلًا من الثقافة الدينية لعرف أن الإسلام نهى عن «شق الصدور» وأن فى الباص من هو يعبد الله ربما بشكل أفضل منه.

لكن ما حدث أن أحد المرشدين تطوع بدعوة عدد من السائحين الأجانب إلى الإسلام، ومنحهم كتبًا دينية إسلامية، ونشرت إحدى الفتيات صور الكتب التى وزعها على مواقع التواصل الإجتماعى مؤكدة أن هذا السلوك أثار حفيظة السياح.

وبحسب شهادة «وليد البطوطى»، مستشار وزير السياحة الأسبق لشؤون المرشدين، فإنه أثناء فترة حكم الإخوان لمصر، انتشر عدد من الأكشاك أمام المزارات السياحية، وكانت مهمتها توزيع هذا النوع من الكتب!.

هذا الواقعة لا يمكن أن تمر بسلام، لأنها تعصف بسمعة مصر السياحية التى يعمل الإخوان وغيرهم على تدميرها، لأن السياحة تغذى شريانًا مهمًا من روافد العملة الصعبة للدخل القومى.. كما أن «العنصر البشرى» فى أى موقع إما يكون عامل جذب أو قنبلة موقوتة تحتاج لخبير مفرقعات!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باصك جنتك باصك جنتك



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates