بقلم: كريمة كمال
بيان من النيابة العامة: «أمر النائب العام بحبس المتهم (أحمد بسام زكى) أربعة أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات، لاتهامه بالشروع في مواقعة فتاتين بغير رضاهما وهتكه عرضهما وفتاة أخرى بالقوة والتهديد، وكان عمر إحداهن لم يبلغ ثمانى عشرة سنة، وتهديدهن وأخريات بإفشاء ونسبة أمور إليهن خادشة لشرفهن، وكان ذلك مصحوبًا بطلب ممارسة الرذيلة معهن، وعدم إنهاء علاقتهن به، وتحريضهن على الفسق بإشارات وأقوال، وتعمده إزعاجهن ومضايقتهن بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وتعديه بذلك على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصرى، وانتهاكه حرمة حياة الفتيات الخاصة، وإرساله إليهن بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية، دون موافقتهن، واستخدامه حسابات خاصة على الشبكة المعلوماتية لارتكاب تلك الجرائم، وقد أمرت المحكمة بمد حبسه احتياطيًا خمسة عشر يومًا».
كان هذا جزءًا من بيان النيابة العامة الخاص بالقضية التي شغلت الرأى العام بشدة في الفترة الأخيرة، والتى عُرفت بقضية المتحرش، وهو شاب اعتاد التحرش بالفتيات واستدراجهن والاعتداء عليهن، وقد بدأت القصة بواحدة من الفتيات تحكى ما جرى معها، ثم توالت الشهادات من فتيات أخريات يحكين ما جرى لهن مع نفس الشاب، حتى قيل إن عدد الفتيات قد وصل إلى ما يقرب من مائة فتاة، وهو ما دفع الكثيرين إلى التعقيب على القصة، وهو ما خلق رأيًا عامًا واسعًا وغاضبًا ليس ضد هذا الشاب وحده، ولكن ضد التحرش والاغتصاب بشكل عام، وفجأة، وعلى مدى أيام قليلة جدًا، أصبح اسم هذا الشاب يتصدر مواقع التواصل الاجتماعى، وأصبح الكل يتحدث عنه وعن تجاوزاته وجرائمه، وعلى مدى أيام قليلة جدًا أصبح هناك رأى عام قد تكوَّن ضد هذا الشاب وضد ما فعل وضد التحرش والاغتصاب، وأصبح هذا الرأى عامًا يطالب بتوقيع العقوبة على هذا الشاب، وكان حجم الغضب والثورة ضد ما جرى كبيرًا جدًا ومؤثرًا جدًا، حتى إن ردود الأفعال من مؤسسات الدولة قد توالت بعد ذلك، فدخل على الخط المجلس القومى للمرأة، وأعلن موقفه مما جرى، وحث الفتيات اللاتى كتبن شهاداتهن على أن يتقدمن ببلاغات إلى مكتب النائب العام ضد هذا الشاب، وتعهد المجلس بمساندة الضحايا مساندة قانونية ونفسية، وتواصل المجلس مع عدد من الفتيات، وحثهن على الإبلاغ، ووعدهن بالسرية فيما يخص المعلومات عنهن، وهنا دخل مكتب النائب العام على الخط، حيث أعلن عن القبض على الشاب، وخضوعه للتحقيق، ثم توالى حدوث التداعيات، حيث تقدمت عدة فتيات بالفعل للإبلاغ ضد الشاب، وتدخل الأزهر ليعلن موقفه المُندِّد بالتحرش والاغتصاب، وكذلك دار الإفتاء المصرية. كانت التداعيات سريعة وقوية، وتؤكد قوة رد الفعل الذي جرى على القضية.
كل ذلك بدأ بعدة أسطر على مواقع التواصل الاجتماعى، عدة أسطر أقامت الدنيا، ولم تُقعدها، وخلقت رأيًا عامًا قويًا ورادعًا استطاع أن يُزلزل أركان المجتمع، ويدفع مؤسساته إلى التحرك واتخاذ المواقف التي وصلت إلى حد القبض على الشاب والتحقيق معه.. ما جرى يؤكد بشكل واضح أهمية وقوة مواقع التواصل الاجتماعى في خلق رأى عام قوى ورادع قادر على أن يؤثر بشكل كبير في المجتمع، فما جرى هو أن كل بيت في مصر كان يتحدث عن هذا الشاب وما فعل، حتى صارت هناك موجة ضخمة من الرفض والإدانة والمطالبة بالمحاسبة.. تَشَكَّل الرأى العام، وازداد قوة وحدة، وأعلن مطالبه، وقد كان، حيث أُلقى القبض على الشاب.. كان رفض المجتمع لما فعله الشاب قويًا هادرًا، ومطالبته بالحساب واضحة جَلِيّة، وهنا فالأمر لم يعد يخص هذا الشاب وحده، بل امتد ليشمل كل مَن يتحرش أو يغتصب ليراجع نفسه مائة مرة قبل أن يُقْدِم على فعل كهذا.