صراع الأرقام

صراع الأرقام

صراع الأرقام

 صوت الإمارات -

صراع الأرقام

كريمة كمال
بقلم: كريمة كمال

من المؤكد أن العالم يمر بتجربة غير مسبوقة من قبل.. وباء يجتاح العالم.. حالة من الخوف والقلق والرعب.. إغلاق تام للحياة بينما البشر معتقلون فى منازلهم...انهيار اقتصادى حاد، والأهم قلق وتساؤل لا ينتهى حول كيف ومتى يمكن أن تنتهى هذه الأزمة؟.. أقسى شىء أنك لا تعرف متى تنتهى هذه الأزمة، وكيف، بل أقسى شىء أن تتساءل: هل يأتى يوم وتنتهى هذه الأزمة؟ ومتى يأتى هذا اليوم؟.. الناس تبحث عن بارقة أمل فى الأفق، فى يوم تنتهى فيه هذه الأزمة وتعود فيه الحياة إلى طبيعتها، بينما هناك تأكيد يوما بعد يوم أنه بعد كورونا لن يكون كما قبل كورونا، وأن الحياة لن تعود كما كانت أبدا، فكيف ستبدو الحياة؟.

الناس صارت أخيرًا تتملل من حالة الإغلاق الكامل للحياة، وتتساءل إلى متى؟، وهو صراع ما بين الإحساس بالملل والإحساس بالخوف من الفيروس، بل إنه وأخيرا فى بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية خرجت تظاهرات تطالب بفتح كل ما هو مغلق، وتطالب بعودة الحياة وفتح الأعمال وكأن الأمر رهنٌ بمن يديرون الولاية وليس رهنًا بانتشار الفيروس حاملاً الإصابات والموت.. وكانت ألمانيا قد أعلنت عن أنها ستفتح بعض الأبواب بشكل تدريجى هادئ، فهل تستطيع العودة إلى الحياة تدريجيا دون مواجهة خطر الفيروس مرة أخرى؟!.

الحالة فى مصر تسير بشكل مختلف، فالناس فى مصر منقسمون ما بين من يشعرون بالخطر بشكل كبير، فيمكثون فى بيوتهم لا يفارقونها ويمارسون كل الإجراءات الاحترازية من تطهير وتعقيم.. ومَن هم لا يخافون، وينزلون الشوارع والأسواق والمولات ويزاحمون ويختلطون دون أدنى اعتبار لأى إجراءات احترازية ولا مراعاة للمسافات، فقد سبق ورأينا كيف ازدحم المصريون فى الموسكى والعتبة والأزهر إلى حد التلاحم والتلاصق.. فهل هم لا يخافون، أم أنهم لا يصدقون أن هناك الفيروس، أم لأنهم لا يصدقون فهم لا يخافون؟.. المهم هنا أن هذه الحالة من اللامبالاة غير متكررة فى العالم كله اليوم، حيث يقبع الجميع فى منازلهم خوفا ورعبا من الإصابة...أما المهم فعلا فى مصر فهو الصراع حول الأرقام، فمنذ أن بدأت الأزمة ووزارة الصحة حريصة على أن تعلن يوميا أرقام الإصابات والوفيات وحالات الشفاء، وهى رغم أنها فى ازدياد إلا أنها فى النهاية أرقام قليلة بالمقارنة بالأرقام فى دول أوروبا مثلا، ولذلك تخرج علينا القنوات المعادية لتؤكد أن الدولة فى مصر تعتم على الأرقام الحقيقية، وأن الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك بكثير، وبخاصة أن مصر لا تجرى تحليلات كافية لكشف أعداد المصابين فعلا.. والواقع أن الناس فى مصر تريد أن تصدق أرقام وزارة الصحة، لأنها تطمئننا على الحالة فى مصر، بينما المشككون يصيبوننا بالقلق على الحالة الفعلية.

وما بين الرغبة فى الاطمئنان، وميراث عدم الثقة فى الحكومة يدور هذا الصراع ما بين بيانات الوزارة من ناحية وكلام المشككين من ناحية أخرى، خاصة أن الدولة ليست مسؤولة فى النهاية عن حدوث الإصابات، لكن انخفاض الأرقام يدفع المشككين للتشكيك فى أنها الأرقام الحقيقية فعلا.

ما بين القلق والتشكيك يعيش المصريون أيامًا صعبة، وينتظرون ما ستكشف عنه الأيام القادمة.. فهل ستظل الأرقام فى معدلاتها الحالية المطمئنة أم أنها ستقفز وتتضاعف بشكل مخيف.. هل سنظل فى المنحنى المسطح المتصاعد، أم أننا سنشهد منحنى متصاعدا؟!.. الناس فى حالة من الترقب يحدوها الأمل فى أن نمر من هذه الأزمة بسلام، وإن كان هذا المرور بسلام لا يدرك أحد كيف يمكن أن يحدث.. إنه الأمل الذى لا يبقى لنا سواه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع الأرقام صراع الأرقام



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates