بقلم: كريمة كمال
على مدى يومين تجمع حوالى مائتى إعلامى عربى في التجمع الإعلامى العربى من أجل الأخوة الإنسانية وهو التجمع الذي يأتى في ذكرى مرور عام على توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها في الإمارات العربية المتحدة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية. هذه الوثيقة التي تأتى في توقيت ينفجر فيه العنف المختلط بالدين أو المتسلح باسم الدين في أكثر من بقعة من بقاع العالم، حيث المعاناة من الإرهاب المقترن بالدين والذى يخلف الضحايا هنا وهناك يوما بعد يوم حتى بات هذا القرن هو قرن الإرهاب.. وحتى بات وكأن الأديان تتناحر وتتصارع.. من هنا تأتى هذه الوثيقة في محاولة للحد من هذا الاقتتال والتصارع فهى التي تنص على «يحمل الإيمان المؤمن على أن يرى في الآخر أخا له عليه أن يؤازره ويحبه وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خلق الناس جميعا وخلق الكون والخلائق وساوى بينهم برحمته فإن المؤمن مدعو للتعبير عن هذه الأخوة الإنسانية بالاعتناء بالخليقة وبالكون كله وبتقديم العون لكل إنسان لاسيما الضعفاء منهم والأشخاص الأكثر حاجة وعوزا». كان الهدف كما قيل أن تكون وثيقة الأخوة الإنسانية «إعلانا مشتركا عن نوايا صالحة وصادقة من أجل دعوة كل من يحملون في قلوبهم إيمانا بالله وإيمانا بالأخوة الإنسانية أن يتوحدوا ويعملوا معا من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلا للأجيال القادمة يأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل في جو من إدراك النعمة الإلهية الكبرى التي جعلت من الخلق جميعا إخوة».
لقد كان توقيع الوثيقة قبل عام إيذانا بإعلان تحدٍّ لكل خطابات التمييز والتعصب والكراهية كما كان السماح للبابا فرنسيس بالصلاة في استاد زايد الكبير وهى الصلاة التي شارك فيها أكثر من ستين جنسية من مسيحيى العالم دليلا على تأصيل ما جاء في الوثيقة على أرض الواقع من سعى إلى التجانس والتعايش.
لقد كان قبول الاختلاف والتنوع والتسامح والتعدد ونبذ العنف والحد من استخدام خطاب الكراهية هي أبرز محاور فعاليات التجمع الإعلامى العربى من أجل الأخوة الإنسانية، وقد كان الهم الإعلامى هو الهم الأول المسيطر على الفعاليات حول ما الذي يمكن أن يفعله الإعلام لتنفيذ هذه الوثيقة. من هنا فقد توصل الفاعلون إلى وضع «مدونة العشرين» التي تنص على مبادئ العمل الإعلامى، وتم التوقيع عليها من كل المجتمعين، حيث أعلنوا التزامهم الأخلاقى والمهنى والإنسانى بهذه المبادئ العشرين والتى نصت أول ما نصت على أهمية حرية الفكر والرأى والتعبير لتولى الإعلامى مسؤوليته مع دعم قيم العدل والحق والمساواة وقبول الآخر وتعزيز المواطنة والعيش المشترك، وقد تم التأكيد على نبذ الخطابات التي تهدد مبدأ حرية الاعتقاد واحترام التعدد والتنوع الفكرى، ونصت المبادئ على عدم نشر أو ترويج أي خطاب للكراهية بل تجنب أي محتوى إعلامى محوره المقارنات بين الأديان أو الطعن فيها وازدرائها والتأكيد على حرمة الدم بغض النظر عن الدين والامتناع عن ازدراء الأديان والنيل من رموزها.
كانت هذه هي أهم المبادئ التي تصدرت المدونة الإعلامية؛ فهل يتم الالتزام بهذه المبادئ أم أنها تظل حبيسة الأوراق التي كتبت بها دون أن تخرج إلى الواقع المعيش؟ نعم الواقع المعيش إعلاميًّا به الكثير من إذكاء روح التعصب والكراهية وازدراء الأديان، لكن هذا الواقع نفسه هو الذي يؤكد على أهمية التوصل إلى تلك المبادئ والالتزام بها في سبيل التوصل إلى إعلام يحد من تكريس مفاهيم التعصب والكراهية والتمييز ويعمل من أجل مفاهيم التسامح والتفاهم والعيش المشترك.. فهل يتم الحد من كل هذه الانتهاكات الإعلامية التي نراها يوميًّا؟ نتمنى!.