وأشياء أخرى

.. وأشياء أخرى

.. وأشياء أخرى

 صوت الإمارات -

 وأشياء أخرى

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

هكذا، إذاً تذهب إلى رسومات الأطفال بميثاق. هذا هو الميثاق: يرون ما يريدون .. وترى ما تريد.
ماذا ترى في رسوماتهم على جدران مقهى المثقفين في «زرياب»؟
أن بصمة الإنسان على إصبعه، وبصمة الدلفين على زعنفة ذيله .. وأما بصمة الطفل، فتعرفها إذا أعطيته: ريشة، ألواناً .. وأوراقاً بيضاء.
هذا ما فعله «عمو تيسير»، صاحب هشيم الخشب وهشيم الورق .. وحطام البلاط، وجبلة الطين بالقش.
أولاد (ذكور وبنات) خربشوا بريشهم. انتهكوا بياض الأبيض بوقاحة أولاد بين الرابعة والثانية عشرة. أطاحوا بـ «المنظور» أول ما أطاحوا. سخروا من قوانين الفيزياء. فكيف جرؤوا على السخرية: السماء رقعة زرقاء، تمطر رقعتين من الغمام الأبيض، الغمامتان تمطران سبعة «عصافير» سوداء (يفترض تماماً أنها طائرات هيلوكوبتر).
العصافير تمطر «مخفر الشرطة» بما يبدو حجارة من نار (لونها أحمر)... ولكن لا يمسّ هذا العلم أي سوء، لأن على قوانين الرماية (المستقيمة والقوسية) أن تنحني لتسقط على قرميد المخفر، الذي يتهاوى .. دون أن يأبه كبرياء العلم لأي شيء.
كيف تواطأت آلاء مع عدي، ومعهما وردة وروان على السخرية من قوانين الرماية؟.
قط، لا يغيب العلم. قط، لا يصيبه أي سوء. قد «تشلع» القذيفة اليد اليمنى (اليسرى) لمتظاهر يرفع العلم (بيده اليسرى أو اليمنى) .. لكن العلم لا ينزف لونه الأحمر على لونه الأبيض، أو الأحمر على الأخضر.
ما هو الرسم؟ هو فن إعادة الخلق. و»عمو تيسير» يجمع حطام الرخام، وبلاط «الشايش» ثم يربطها بملاط. ويشدها إلى جدران .. فاذا بالبلاط المحطم تظاهرة بشرية تنبض بالحياة.
الحطام يحكي والهشيم يثرثر. ما هو الرسم عند الأطفال الذين يرون «الانتفاضة» كما يريدون، وانحناء قوانين الفيزياء كما يريدون، وشموخ علم بلادهم .. كما يشاؤون؟
لفيزياء المواد قوانين الثبات. لكيمياء (الألوان والمواد) قوانين الحركة (التفاعل) .. ولريشة هذا الطفل - الطفلة أن تصب كيمياء الروح في قوالب فيزياء اللوحة.
هذا هو «شِعْر البصر» كما يقول الرسام ويسلر، لأن الموسيقى «شعر الصوت» مثلما يقول .. أيضاً.
إذاً، تعال بفيزياء جسدك ليشحن الأولاد كيمياء روحك.
تهبط العفاريت من روايات جدة (تريد أن تدفع الأطفال للنوم)، ومن أفلام الكبار تهبط.
فكيف تطير الملائكة؟ ريشة تتسربل بما شاء الطفل من ألوان. وتطير في فضاء اللوحة، فتجعل للكابوس (الموت. الطائرات) نافذة للحلم العتيد (العَلَم لن ينحني).
للكبار أن يصوروا العلم (بكاميراتهم، بعيونهم - الكاميرات .. وبريشاتهم المتمرسة).
يخفق كما القلب يخفق. وللصغار أن يجعلوا كل شيء في لوحاتهم يخفق .. إلاّ العلم.
كأن ألوانه في استقامة حزمة «الليزر».
يظل الأطفال أساتذة في الرسم (بخاصة بين الرابعة والسابعة) .. إلى أن يذهبوا إلى حصة الرسم في المدرسة.
في الصف يضبعهم أستاذ الرسم، يقزمهم إلى تلاميذ في قواعد الرسم.
تيسير بركات لا يفعل هذا. استضافت جدران «زرياب» لوحات الكبار عن انتفاضة الصغار، ثم استضافت لوحات الصغار عن انتفاضة عنقاء - العلم في وجه الدمار والحطام .. لكنك لا تسأل الرسامين الكبار: ما هذا؟ ولكن الرسامين الصغار يأخذونك إلى بصمة الإصبع، وتشكيلة ذيل الدلفين.. وبصمة أحلامهم أيضاً.
مفردات اللوحة مضحكة (الطائرات مضحكة. المخفر مضحك .. والتظاهرة أيضاً) لكن اللوحة عبارة جدية جداً: هكذا تهبط الشياطين من السماء .. وهكذا تطير الملائكة من الأرض إلى السماء.
قال «ميرو»: صرفتُ عمراً ثانياً حتى عدت إلى عمر الرسم الأول: «أرى ما أريد» أي: أرسم ما أرى.
لو ذهبت إلى ثلاثين - أربعين لوحة على جدران «زرياب»، لرأيت قوانين الصراع مجردة من هذا الديالكتيك العويص.
يحتقرون «المنظور» بجدارة مدهشة. يعيدون توظيف دلالات اللون ببساطة. يخلطون فيزياء الثبات بكيمياء الروح. نحن نقول: هذه لوحة أولاد. وفي لوحة أولادنا لا ينحني علم بلادنا.
ماذا يقول «عمو تيسير»؟ يصمت، ويجعل جدران مقهاه تثرثر بقصة الانتفاضة منذ زمن النكبة .. إلى زمن أول الحرية، حيث العلم لا يمسه أي سوء. لأن الحلم لم يمسه أي سوء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 وأشياء أخرى  وأشياء أخرى



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates