بقلم - حسن البطل
هل زهق، أو كاد، عادل الأسطة، في تدوين يوميات فيسبوكية معنونة «الست كورونا»؟ أو سيصدر يومياته في كتابه الكوروني الثاني، عن الموجة الثانية أو الثالثة من الوباء الجديد، المسمى بالعربية «الجائحة».
لستُ طبيباً، لكن في معلوماتي أن الأمراض البشرية ثلاثية الأساس هي المتوطّنة، السّارية.. والوبائية، لكن رأيتُ فيلماً أسطورياً معنوناً «فرسان القدر»، عن الأمراض السّارية والوبائية المهلكة للبشر، يتسيّدها الطاعون والجذام (والحروب، والجفاف.. إلخ)، اللذان انقرضا، منذ اختراع البنسلين ومشتقاته، وقبل اختراع المضادات الحيوية (الأنتي بيوتيك).
في وصف الموت يُقال: «جاد بأنفاسه الأخيرة»، وتبدأ الحياة بأوّل شهيق وزفير تطلقه رئتا الجنين لانتقاله إلى رضيع، بعد خروجه من رحم أمه.
الأنفلونزا وباء معدٍ، والكورونا وباء أشدّ وأخطر، لأن الكمّامة قد تقي من عدوى الأنفلونزا، لكنها إحدى الوقايات من الكورونا التاجية، التي تعيش ساعات وأياماً على كل ما تلمسه الأيدي. تباعد. لا تخالط. لا تصافح.. إلخ!
زمان، كانت أيدي الناس تصاب بمرض جلدي يسمى «الثآليل»، وهو شكل من التدرُّن الجلدي، يشبه قليلاً ما يصيب جلد أصابع الأقدام من ارتداء الأحذية الضيّقة، واخترع لها الدكتور «شول» لصاقات ثم قطرة كيميائية لا تقطع دابر توالدها.
لأسباب جائحة الكورونا هذه تفاسير وعلاجات خرافية، كما كانت لثآليل ظاهر كف الأيدي، حيث كان يُقال: إيّاك أن تعدّ نجوم السماء، لأنها ستهبط من عليائها على يديك، كما المستوطنات اليهودية تتكاثر في أرض فلسطين!
الثآليل مرض جلدي غير معد، خلاف الخرافات، لكنه قد يملأ ظاهر كفيك، ربما ينتقل إلى باقي جلدك، وخاصة وجهك، الذي سيبدو بشعاً، ولو أقلّ بشاعة من مرض جلدي غابر كان يسمى «الجذام».. حيث يسقط خيشومك أو صيوان أذنيك!
لما تكاثرت الثآليل في يديّ، تذكر والدي أن «آخر علاج هو الكيّ». هكذا ربط كل ثؤلولة بخيط مشدود، وكوى كل ثؤلولة بسيخ أحمر كالجمر.. فماتت الثآليل مهلاً على مهل. لطبيب أمراض جلدية أن يفسر أسباب مرض جلدي غابر، وما أعرفه أن جلدك هو خط الدفاع الأول عن جسمك، لكن إن مرض صار علاجه صعباً أو مستعصياً!
ثمة مرض جلدي أكثر بساطة وصار غابراً بدوره، وهو يسمّى في سورية «القَشَبْ» بفتح القاف والشين، وهو مرض شتوي غالباً يجعل ظاهر كفّيك كأنها حراشف جلد السمك.. او من مرض جلدي يسمى «بلاجرا» والسبب وجيه وهو غسل الأيدي بماء جليدي البرودة.
من الأمراض التي كادت تنقرض ما يضرب العينين ويسمى «الرّمد» بفتح الراء والميم، حيث تفرز العيون شيئاً شبيهاً بالبراز، وينقل الذباب مرض «الرّمد»، الذي يكثر في فصل الربيع، ويسمى أحياناً «الرّمد الربيعي»، وعلاجه سهل، وهو قطرات في العيون من مستحضرات البنسلين.
هذا عن الأمراض الجلدية الغابرة التي لم تعد أمراضاً ذات شأن. ماذا عن ضرب من الأمراض المتوطّنة، مثل ذبابة «تسي ـ تسي» في بلاد المستنقعات، أو الأمراض المعوية، مثل الطفيليات الدودية التي تستوطن الجهاز الهضمي، كالتي كانت شائعة في غوطة دمشق الشرقية بشكل خاص من سقاية الخضراوات بمياه ملوثة بالمجاري البشرية.. أو البلهارسيا في مصر، التي قتلت عبد الحليم حافظ!
كان علاج «حبّات البطن» كما تسميها العامة، أو ديدان «الاسكاريس» في لغة الطب سهلاً، كما حال الديدان الشريطية بنوعيها، ذات الرأس المسلح، وغير المسلح: إما تسقيك أمك شربة «الملح الإنكليزي» أو شربة «الخروع».
منذ عدة سنوات، بعد السبعين من عمري، صرت آخذ، في آخر الخريف وأول الشتاء، مطعوم الوقاية من «الأنفلونزا» لأنها قد تكون ذات مضاعفات تنفسية خطيرة للمتقدمين في السن، وفي سنوات منصرمة كانت تميت كما أن الكورونا قد تميت.. ولو نادراً نسبة إلى الإصابات!
مطعوم الوقاية من «الأنفلونزا» يتغير من عام إلى آخر، لكن لا يتغير مطعوم قطرات الرّمد المسمّى طبياً «تراخوما» لكن البنسلين صارت له فروعه الأكثر قوة، وتحتاج، مثله، إلى وصفة طبية، لأن لكل مضاد حيوي تأثيرات جانبية ضارّة.. لا تُدخل المضادات إلى جسمك إلاّ مضطراً.
الناس، أو بعضهم، يخافون من تأثيرات جانبية لطعوم فيروس الكورونا، ومعظمها مخاوف مبالغ فيها، وحتى خرافية، ومضاعفات هذا الفيروس أقل بكثير من مضاعفات جراحة القلب المفتوح، أو حتى وفيات الولادات الطبيعية، إما للجنين أو لأم الجنين.. وبالطبع، وأولاً، وفيات حوادث السير، أو «موت الفجاءة»، وهو أرحم أنواع الموت بعد الانتحار، لكن أشقّها وأصعبها هو الأمراض التنفسية، مثل الأنفلونزا، أو بالذات «الكورونا».
المساجد والمدارس
تعقيباً على عمود يوم 23 شباط علّق الطبيب الغزّي رياض عواد بإحصائية هذا فحواها:
في فلسطين 3,434 مسجداً، في مقابل 3,074 مدرسة، أما في قطاع غزة فهناك 1,200 مسجد في مقابل 731 مدرسة، منها 421 حكومية، و257 تابعة لـ»الأونروا»، و53 خاصة.
ثمة سؤال وجيه وهو: لماذا لا تكون الجوامع والمساجد من طبقتين إحداها مدرسة؟ ألم تبدأ المدارس بالكتاتيب مثلاً.