علي العمودي
في ثمانينيات القرن الماضي ومع بداية تلمس دروبي في عالم الكلمة والصحافة، قدمت مادة للنشر في صحيفتنا «الاتحاد»، كانت بداية علاقتي بالشاعر والكاتب والأديب اليمني الراحل فضل النقيب الذي غادر دنيانا الفانية في مثل هذا الشهر من العام2012 بعد رحلة علاج طويلة كانت محطته ومحطتها الأخيرة في العاصمة الألمانية برلين.
كان مقر «الاتحاد» وقتها عبارة عن «كرافانات» متناثرة في الموقع الذي تحول الآن إلى مواقف لنادي الجزيرة الرياضي، وكان فضل محرراً رئيسياً للمواد التحريرية في الديسك المركزي للصحيفة، وكان يضم أساتذة أجلاء يتقدمهم عبدالعال الباقوري ومحمد دياب والفاتح التيجاني ووجيه العجوز وفاروق عبدالكريم وجمعة اللامي، متع الأحياء منهم بالصحة، وتغمد برحمته الأموات، وكانوا مدرسة في المهنية والتواضع والٌخلق الرفيع.
كانت مادتي عبارة عن انطباعات حول زيارتي الأولى إلى أرض الكنانة، مصر المحروسة، لنشرها في زاوية «واحة الاتحاد» بالصفحة الأخيرة من الجريدة، فتناولها أستاذي فضل النقيب وأضفى عليها من لمساته قبل أن تجد طريقها للنشر، لتتحول العلاقة إلى صداقة رغم فارق العمر والتجربة.
كان الرجل أديباً وشاعراً مرهف الإحساس، غزير العلم واسع الإطلاع، أحاط قراءه بقبسات من ذلك البحر الغزير بأسلوب جزل ممتع عبر زاويته اليومية «آفاق» خلال سنوات عمله في«الاتحاد» التي امتدت لأكثر من 15عاماً.
ومن فضل الله على المرء أن يرزقه الذرية الصالحة، وقد من الباري على الراحل بأبناء بررة حافظين لعهده وذكراه يوثقون إبداعاته بنشرها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وقد طالعوا متابعيه بقصيدة له نظمها في الأول من فبراير 2002، وأهداها حينها إلى المقام السامي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حبست الدمع في المقل وكأنما قيلت اليوم أمام الموقف التاريخي الجليل والمهيب لإمارات الخير والعطاء وهي تنتصر للحق والشرعية، وترفع الظلم عن أهلنا في اليمن، وأسود قواتها المسلحة يروون بدمائهم الزكية «أرض الجنتين» موطن العرب الأول.
أعتقد أن الوقت قد حان لهيئة أبوظبي للثقافة والسياحة لجمع أعمال فضل النقيب في إصداراتها وفاءً من إمارات الوفاء لأديب احتواه ثراها الطاهر، وقد كان مترنماً بحبها، شديد الوفاء لها، رحمه الله. إضاءة للشاعر فضل النقيب:
نقول يوماً إذا التاريخ ساءلنا
أهل الإمارات مَن في فضلهم سبقواُ