علي العمودي
قضية الباخرة الإيرانية المحملة بأطنان من المخدرات والأقراص المخدرة تكشف لنا من جديد استمرار حلقات مسلسل تجار السموم ومخططاتهم الإجرامية التي تستهدف أغلى ثروة لكل وطن، الشباب وأجيال المستقبل.
الباخرة التي أعلنت وزارة الداخلية عن ضبطها لدى رسوها بميناء خالد في عملية مشتركة بين الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالوزارة والإدارة المعنية في شرطة الشارقة، أضافت لجريمتها جريمة أخرى بإخفاء أشخاص داخلها بقصد تهريبهم إلى داخل الدولة. هذا المسلسل المتواصل لا يقل في خطورته عن الجرائم الإرهابية التي ترعاها بعض الدول وتنفذها تنظيمات إرهابية متمرسة من صنيعة أجهزة مخابرات بغرض تقويض استقرار المجتمعات والدول بغرض تحقيق أجنداتها وأهدافها. وكانت المخدرات والمتاجرون فيها حاضرة بقوة في كل الأحداث والمسارات التي جرت فيها المخططات الإرهابية والإجرامية في العديد من مناطق عالمنا وعبر مراحل التاريخ المعاصر، من حرب الأفيون في الصين قبل قيام جمهورية الصين الشعبية ومرورا بحروب طالبان في أفغانستان وحزب الله في لبنان وانتهاء بحروب«فارك» في كولومبيا.
علينا أن نتعامل مع جرائم تهريب المخدرات ومحاولة إغراق البلاد بها على أنها جزء من مخطط أوسع وأشمل يخدم أولئك الذين يتربصون بنا من الخارج باستهداف الداخل الذي خيب آمالهم، بهذا التلاحم الوطني والوحدة الوطنية واليقظة العالية في رحاب«البيت المتوحد». الكميات الهائلة من المخدرات التي يعلن عن ضبطها بين الفينة والأخرى تكشف عن هدف أكبر بكثير مما يعتقد البعض، فلا زلت أذكر تجرؤ إحدى العصابات على محاولة إدخال مصنع بكامل معداته ومستلزماته لإنتاج الحبوب المخدرة بغرض نشرها بين طلاب المدارس والجامعات إلى جانب المدمنين الآخرين عليها. ومع كل قضية بهذا الحجم تتجدد دعوات المجتمع لتغليظ العقوبات بحق المدانين في جرائم الاتجار بالمخدرات والإعدام لتجار السموم. والإعلان عن تنفيذ الأحكام ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه المريضة محاولة العبث بأمن واستقرار الإمارات، وهو يستهدف أغلى ثرواتها شبابها الذي هم عماد نهضة كل وطن.
ذات مرة كنت في كوبا وذهلت لكونها دولة خالية من المخدرات رغم أنها على بعد أميال قليلة من أكبر منتجي هذه السموم، فكان الرد بسيطا وتمثل في تنفيذ أقصى العقوبات لتجار السموم لحماية المجتمع من الذين يريدون تقويضه فتاجر المخدرات مفسد في الأرض كأي إرهابي يقتل الأبرياء.