علي العمودي
لاحظ رب أسرة أن رائحة نفاذة تنبعث من الشقة المجاورة له، في أحد الأبراج السكنية بأبوظبي هبط مسرعا نحو مدخل البناية باحثا عن الحارس، ولم يجده، ولكنه التقى العاملة المنزلية لدى جيرانه التي أبلغته أن عاملين جاءوا لرش الشقة بمبيدات وطلبوا إخلاءها حتى الثالثة عصرا، وأن جميع أفراد الأسرة غادروها ولن يعودوا إلى حين انقضاء المدة المحددة لهم. كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة ظهرا، وقد اجتاحه قلق كبير على أسرته، خاصة صغاره، الذين سيعودون بعد قليل من مدارسهم. الرائحة قوية للغاية تصيب من يقترب من المكان بالغثيان، والصغار الأكثر تحسسا والأضعف في مثل هذه المواقف.
كان قد قرأ كثيرا عن حوادث ووفيات بسبب بعض ممارسات شركات رش المبيدات، واستخدامها لأنواع محظورة، ومنها الفوسفين الذي يطلق عليه القاتل الصامت. وبدون تردد اتصل بالشرطة وبالدفاع المدني وبلدية أبوظبي ورقم الاتصال الحكومي الذي سجلت بدالته الشكوى، ووعدوا بالاتصال به، وبالفعل اتصل به شخص من بلدية أبوظبي ليبلغه أنهم ليسوا جهة الاختصاص.
اتصالات استغرقت الكثير من الوقت وكل جهة تحيله للجهة الأخرى، ومن دون نتيجة تشعره بتحرك أي من هذه الجهات لطمأنته. ولم يجد بداً من إلغاء كل ارتباطاته وانتظار عودة أطفاله ليصطحبهم والأسرة في نزهة لم تكن مقررة حتى ساعة متأخرة من المساء، ليعود إلى منزله ولا زال القلق يعتريه، وتساؤل أكبر نشاطره فيه حول موقف وتصرف كل تلك الجهات التي استنجد بها، طالبا مجرد طمأنة ليمضي إلى عمله. أم أن تلك الجهات تنتظر وقوع كارثة حتى تتحرك، ثم تطل علينا بديباجتها المعهودة بأنها» تناشد الجمهور لأخذ الحيطة والحذر، وعدم اللجوء للشركات غير المرخصة عند طلب رش المساكن والمنشآت بالمبيدات للتخلص من القوارض والحشرات»؟!.
واقعة يتوقف المرء أمامها كثيرا، خاصة مع تداخل الاختصاصات بين الهيئات والدوائر. والحقيقة أن مركز الاتصال الحكومي مدعو لمتابعة مثل هذه الأمور، حرصا على مصداقية الجدوى من الاتصال، فهناك جهد كبير يبذل من مختلف الدوائر والجهات الحكومية لتطوير الخدمات التي تقدمها والارتقاء بها، وعلينا ألا نسمح لموظف متقاعس بالإساءة إليها بتعامله غير المسؤول مع المتصلين.