علي العمودي
كنت أستعد لتهنئة زملائي في وكالة أنباء الإمارات بمرور 37 عاماً على انطلاقها، وإذ بي أجد نفسي معزياً لهم بعد ورود خبر وقع علينا كالصاعقة برحيل الزميل عبدالله الجبلي، أحد رجالات الرعيل الأول الذين عملوا في الوكالة منذ تأسيسها، وكان نعم الزميل والأستاذ بخلقه الرفيع وطيب معشره.
تلك هي الأقدار، وهي تتوالى تطرد لحظات الفرح أوقات الترح، وتنقلب الأفراح أحزاناً في تلك اللحظات الفاصلة.
زاملنا الراحل لوقت غير قصير في «الاتحاد» في «الديسك المركزي» مراجعاً للتحقيقات قبل أن تجد طريقها للنشر، ولمن لا يعرف من القراء، رجال «الديسك» في كل صحيفة هم «الطهاة» الحقيقيون لها بوضعهم لمساتهم التي يفترض أن تجمع الخبرة والمهنية الرفيعة لتصافح عين القارئ صحيفته المفضلة في شكلها النهائي بأبهى حلة وأجمل صياغة.
وفي كل مكان يكون الأساتذة في هذا الموقع جنوداً مجهولين لا يعرفهم القارئ، ولكنه يلمس إبداعاتهم في تجويد المادة الصحفية المقدمة، بعيداً عن نجومية قد تتحقق للصحفي أو الكاتب المنشور اسمه في التقرير، أو الموضوع الذي يلقى الاستحسان دون أن يشعر بوجود هؤلاء الجنود المجهولين.
لقد كان عبدالله الجبلي أحد هؤلاء الجنود المجهولين، سواء من موقعه الأساسي في وكالة أنباء الإمارات، أو معنا في جريدة الاتحاد، وقد واكب البدايات الأولى للوكالة في تلك الشقة التي كانت تستقر فيها أواخر سبعينيات القرن الماضي على شارع الشيخ راشد بن سعيد قبالة مسجد سلطان بن زايد الأول، حتى غدت اليوم بهذا النمو والتطور.
كما كنت أتردد على غرفته الصغيرة في الصحيفة، عندما كانت بمقرها في تلك «الكرافانات» المتناثرة قبالة مواقف نادي الجزيرة الرياضي.
كان الجبلي يضع لمساته النوعية للمادة الصحفية بكل تواضع وحرفية رفيعة، وما زلت أحفظ له بصماته على أول خبر لي على الصفحة الأولى من «الاتحاد»، عندما أنفردت بتصريح لمعالي محمد سعيد البادي متعه الله بالصحة والعافية، وكان حينها رئيساً لأركان القوات المسلحة حول أول مناورات لقوات «درع الجزيرة». وكانت للجبلي بصماته الجلية في تقارير وكالة أنباء الإمارات في المناسبات الوطنية و«الكتاب السنوي».
رحم الله عبدالله الجبلي، وأسكنه فسيح جناته، وخالص العزاء لذويه، كما نعزي أنفسنا برحيله، إنا لله وإنا إليه راجعون.