علي العمودي
منذ الأول من مايو الجاري، تحتضن مدينة ميلانو عاصمة الشمال الإيطالي، والموضة معرض «إكسبو»، الذي تقام دورته الحالية تحت شعار «تغذية الكوكب.. طاقة للحياة»؛ بهدف لفت الأنظار للتدهور الحاد في الموارد الطبيعية، وما تتعرض له من استنزاف شديد، ويتطلب التعاون لابتكار حلول لصونها من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة.
الإمارات، وكعادتها دائماً في مشاركاتها المتميزة في دورات معارض «أكسبو» التي تستمر كل منها ستة أشهر، لفتت الأنظار في ميلانو بجناح متألق بتصميمه المتموج، الذي يعبر عن كثبان الصحراء التي أنجبت رجالاً أفذاذاً، وقادة عظماء بقامة القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.. رجال ألغوا من قاموسهم المستحيل، وروضوا الصعاب وقدموا للعالم تجربة ملهمة.
كنت أشاهد جموع الزوار الإيطاليين وغيرهم من مختلف الجنسيات، وكأن على رؤوسهم الطير، وهم يتابعون الطفلة سارة ذات الثمانية أعوام نجمة فيلم «شجرة العائلة» المدبلج بالإيطالية مع ترجمة مطبوعة بالإنجليزية، الذي يستقبل زائري الجناح لتبحر بهم سارة عبر الزمن، ليعيشوا معها معاناة الآباء والأجداد في الحصول على الماء.
كان المشهد الذي هز الزوار مكابدة أهل الإمارات شظف العيش، وكيف عصروا رمل الصحراء لاستخراج قطرات من الماء. وينتهي الفيلم بعرض خاطف لما تحقق في بلاد «زايد الخير» وبأغنية لسارة، فاجأني ترديد الكثيرين معها الأغنية بسيطة الكلمات الجميلة اللحن والأداء، لكثرة ترددهم على الجناح الذي يختزن بين جنباته تجربة مذهلة في بناء الأوطان. وهم يرون صحراء أينعت رخاءً وازدهاراً، وأسعد شعب يدعو، كما في خاتمة، الفيلم إلى تعاون الجميع لمواجهة تحديات استنزاف الموارد، وسارة تذكرهم بأن الأمر ليس مسؤولية الحكومات فقط، وإنما كل إنسان على هذا الكوكب.
بصراحة، لا أحد يستطيع وصف تأثير فيلم «شجرة العائلة» الرائع فكرة وإخراجاً وأداءً، على تلك الموجات من البشر الذين يتدفقون على الجناح، وهو يؤكد وفاء إنسان الإمارات لماضيه وتاريخه وتراثه، رغم أعاصير العولمة التي اجتاحت في طريقها ذوي الانتماءات الرخوة الذين تاهوا بين الدروب والاتجاهات.
كل الشكر للمجلس الوطني للإعلام وجهوده الجليلة لجعل مشاركة الإمارات في كل دورة من معارض «إكسبو» رسالة عظيمة وسارة.. وذكرى لا تنسى.