علي العمودي
تتناثر المقاهي بين المساحات الشاسعة بمعرض «إكسبو ميلانو 2015»، والمقهى عند الإيطاليين طقوس وثقافة ونمط حياة، أليسوا الشعب الذي أهدى للعالم «الاسبريسو» و«الكابتشينو» و«الجيلاتو»؟
في أحد تلك المقاهي بالقرب من جناح الإمارات في ذلك الحدث العالمي الذي يقام كل خمسة أعوام، وتستضيفه حاليا مدينة ميلانو عاصمة الشمال الايطالي والموضة والعلامات التجارية الشهيرة، كانت طوابير الزوار تمتد طويلة لأكثر من نصف ساعة لدخول الجناح مجموعات، كل منها لا تقل كل منها عن 60 شخصا.
في ذلك المقهى المكتظ، وجدت بالكاد مقعدا بجوار عجوز ايطالي وحفيده، أذن بجلوسي معهما، سألته بعد تبادل التحايا ما إذا كانت زيارة الجناح تستحق عناء الانتظار الطويل تحت الشمس وحرارة الطقس الذي ساد المدينة نهار الجمعة الماضي، فإذا به يرد بسرعة، دون أن يعرف هويتي «ما ستراه داخل الجناح يستحق ليس الانتظار، وإنما السفر لأجله». وقال مجيبا على سؤالي حول ما سيجده الزائر في هذا الجناح، أن «معجزة» تكون بانتظار الزائر، صنعها بلد صحراوي في أقل من أربعة عقود وانتقل من حياة البداوة والصحراء إلى حضارة العصر.
حاولت إثارته قائلا «ربما هي ثروة النفط»، فإذا به يرد وكأنما الرد جاهز، بقوله «كثيرة هي الدول التي تملك النفط والثروة، ولكنا هنا نتحدث عن رؤية». بلد لديه رؤية عمل عليها حتى حقق ما وصل إليه.
وقال «لقد زرت الإمارات مرة واحدة منذ ثلاث سنوات، وانبهرت بما رأيت، مما جعلني أزور جناحها في هذا المعرض، لأنبهر أكثر بها بعدما شاهدت الفيلم المعروض في الجناح، عن «شجرة العائلة» والطفلة «سارة» تروي التحديات التي تواجه بلادها، وبالذات ندرة المياه، وكيف عصر أجدادها الرمل ليظفروا بقطرة ماء.
كان الرجل يتحدث عن تفاصيل عديدة لفتت نظره، كما غيره من الزوار المنتظرين في تلك الطوابير الطويلة بانتظار لحظة الدخول للجناح الذي لفت الأنظار بتصميمه المبتكر، ومكونات بنائه المستوحى من كثبان ليوا في رسالة للعالم عن مقدار اعتزاز أبناء الإمارات بالصحراء التي خرج منها أعظم الرجال، الذين غيروا وجه التاريخ الإنساني والبشرية.
الصحراء أهدت هذا الوطن زايد حكيم العرب.. الرجل الذي امتلك رؤية واضحة للمستقبل وبناء الوطن، اعتماداً على بناء الإنسان الذي كان محور كل بناء على أرض إمارات العطاء.. وإلى الغد.