علي العمودي
أشرت ذات مرة، لما ذكره أحد زوار الدولة حول أمر أثار إعجابه في الإمارات، ولا يخطر على بال الكثيرين منا، فقد أثنى على مشروع خطبة الجمعة الموحدة عندنا وتركيزها دوماً على إبراز القيم السامية والمضامين العظيمة للإسلام، وما يوحد المسلمين ويجمع الصف، ويعزز النسيج الوطني وطاعة ولاة الأمر، وكل ما فيه مصلحة البلاد والعباد.
والواقع لا يشعر بقيمة وأهمية المسألة إلا من يشهد ما يجري في مساجد وجوامع العديد من البلدان العربية والإسلامية، حيث تستغل المنابر أبشع استغلال، وتوظف لإرضاء أهواء ونزعات جماعات وفرق. وتمارس على المصلين مختلف مظاهر الشحن والتضليل لاستعداء هذه الجماعة أو تلك، مما لا تتفق وأهواء وتوجهات الخطيب ومن يقف خلفه، خصوصاً جماعات الإسلام السياسي متعددة الأشكال والأوجه، والتي مهما تلونت تلتقي حول أمر واحد، محاولة احتكار الدين السمح لمصلحتها وإقصاء غيرها، لدرجة تصل للتكفير، كما رأينا وتابعنا في مجتمعات تراخت مع تلك الجماعات لتتصدر المشهد فيها، وتغوص بعد ذلك في أوحال الفرقة والمذهبية والطائفية وبرك الدماء وخرائب الدمار الذي جاءت به الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تناسلت جميعها من رحم» الإخوان المتأسلمين».
نعيد التذكير بالأمر، ونحن نتابع ونحيي ما تم الاتفاق عليه من تعزيز للتعاون والتنسيق بين الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف من جهة وبين دائرة العمل الإسلامي والأوقاف في دبي للتنسيق والتشاور فيما يتعلق بتوحيد الفتاوى وإعداد خطبة الجمعة واختيار موضوعاتها.
التوقيع على مذكرة تفاهم بين الجانبين جاء في وقت مهم ودقيق للغاية، حيث تشتد أبواق التطرف والغلو والمنظمات الإرهابية للترويج لمزاعمها المتطرفة وقناعات الغلواء التي تنطلق منها للتغرير بشباب المسلمين تحت شعارات تجعل منهم وقوداً لحروب العبث والعدم والفناء التي تقودها، شعارات بعيدة كل البعد عن جوهر الإسلام السمح، وما جاء وبشر به سيد الخلق محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام.
هذا التنسيق بين الجهتين يتطلب كذلك الاستمرار في تطوير خطبة الجمعة لتواكب ما يجري على الساحة وتفنيد المزاعم الباطلة والمغلوطة التي يروج لها دعاة التطرف ودجالي فضائيات الكراهية والتحريض والتطرف، وحسن توظيف شبكات التواصل الاجتماعي لتظل راية الإسلام ناصعة البياض، بعيداً عن دنس القتلة والإرهابيين ومن والاهم.