علي العمودي
يقوم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بجهد طيب وكبير من خلال المشاورات المكثفة التي يجريها مع العديد من الدول الإسلامية، لإنشاء تحالف من علماء المسلمين لدعم دور التحالف الإسلامي للقضاء على التطرف والإرهاب، والذي أعلنت عن قيامه المملكة العربية السعودية.
الجهد الطيب للدكتور الطيب يجيء مواكباً للجهد الرسمي الدبلوماسي والعسكري للتحالف الجديد، ويؤكد بدوره أن بلداننا الإسلامية، وهي الأكثر معاناة من الإرهاب، بحاجة للمزيد من العمل والتنسيق المشترك لاجتثاث الإرهاب، وقطع دابر الإرهابيين بتجفيف منابعهم الفكرية والمالية. وجاء التحالف الإسلامي ليتحرك دبلوماسياً وعسكرياً، وفي الوقت ذاته بحاجة إلى وقفة مشتركة، وموحدة لعلماء المسلمين لكشف وتعرية هؤلاء الذين اختطفوا ديننا الإسلامي الحنيف، والحقوا به أكبر إساءة وتشويه بأعمال القتل والتدمير والترويع التي يمارسونها في كل مكان «دواعش» و«خوارج» العصر. وتسللوا إلى عقول مغيبة من شباب المسلمين وزينوا لهم هذه الأعمال الإجرامية باسم الجهاد والإسلام، وهو منهم براء.
هذه الآفات التي ابتليت بها الأمة من تطرف وإرهاب باسم الدين، إنما وجدت بيئة خصبة ليترعرع فيها، مع غياب المواقف الموحدة لعلماء المسلمين، واستشعار الخطر الوجودي الذي بات يمثله اليوم التطرف والإرهاب، وهو يتستر تحت شعار إقامة دولة الخلافة الغائبة. ومع هذا الغياب لصوت العقل والخطاب الراجح الذي ينطلق من قيم الوسطية والاعتدال التي جاء بها الإسلام، وجد مفتو الضلالة والتضليل الفرصة سانحة لهم، وهم يطلون علينا من فضائيات الفتن وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية وكراهية الآخر. ولم يكتفوا بذلك بل جعلوا من منصات ومواقع التواصل الاجتماعي أماكن لاصطياد ضحاياهم ممن تنطلي عليهم أكاذيبهم ومزاعمهم عن الجهاد والتفجير والقتل للحاق بحور العين!!.
إن هذا الجهد والمسعى من فضيلة شيخ الأزهر ينسجم مع دور الأزهر الشريف على مر العصور في نشر مبادئ الوسطية والاعتدال للإسلام بعيداً عن الغلو والتطرف. وكان لهذه المؤسسة الدينية العريقة مواقفها النيرة كلما ادلهمت الخطوب، وهل هناك خطب أكبر مما تتعرض له الأمة الإسلامية اليوم من تشويه للدين، وسفك لدماء المسلمين وترويع وتشريد الأمنين والمستأمنين في ديار الأمن والسلام، كما يجب أن تكون بلدان خير أمة أخرجت للناس. وكل ما نتمنى أن تلتف الجهود حول مثل المبادرات الطيبة لدعم التحالف العسكري الإسلامي للقضاء قريباً على الإرهاب قضاء مبرماً انتصاراً لدين الحق وصون حياة الناس جميعاً.