علي العمودي
«نعمان» من الشخصيات المحبوبة في البرنامج التلفزيوني الشهير للأطفال «افتح يا سمسم» الذي أطل علينا مجدداً يوم الجمعة قبل الماضي من خلال قناة «الإمارات»، إحدى قنوات شبكة «أبوظبي للإعلام» بعد نحو ربع قرن من التوقف، وهذه المرة نتاج ثمرة تعاون مجلس أبوظبي للتعليم ومؤسسة بداية للإعلام ومكتب التربية العربي لدول مجلس التعاون الخليجي، ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي وشركة توفور 54.
ورغم السنوات الطوال والبعيدة التي انقضت على البرنامج الشهير الذي هو نسخة معربة عن نظيره العالمي «سيسمي ستريت»، إلا أنه لا يزال محفوراً في أذهان ذلك الجيل الذي تابع إطلالته الأولى، وهو اليوم في مرحلة النضج والعطاء والعمل. أما لماذا نجح، ولماذا عاد؟ فتلك قصة يطول شرحها، ولكن يمكننا إيجازها في رقي الفكرة والرسالة والإبداع في العمل، خاصة أنه يحبب لغتنا الجميلة لجيل اليوم الذي اتسعت الفجوة بينه ولغته العربية الجميلة.
كما أن البرنامج يحمل الكثير والكثير من المعاني الجميلة لغرسها في نفوس النشء، ما جعله أحد أهم البرامج التربوية التلفزيونية، ونجح نجاحاً كبيراً وكاسحاً بالقياس للكم الهائل من الأعمال التجارية السطحية التي تنتشر ولا تتوانى الكثير من المحطات التلفزيونية في بثها لملء ساعات البث الخاص بالطفل من دون مراعاة أي اعتبارات تربوية وتعليمية، المهم البث واستقطاب الإعلانات الخاصة بكل شريحة من شرائح المجتمع.
عودة «نعمان» وشلته ليست من باب الحنين إلى الماضي، وإنما انحياز للعمل الراقي والجيد الذي لم تسد الفراغ الناجم عن غيابه عشرات الآلاف من الساعات التلفزيونية، وكان أغلبها غثاً كزبد البحر. بل تجرأت قنوات فضائية على إغراق ساعات البث المخصصة للصغار بأعمال تمجد العنف والقتل والجريمة، وغيرها من الانحرافات والسلوكيات الشاذة والمنحرفة، وتصدرت المشهد هذه الأعمال الهابطة. وتزامن ذلك مع تراجع الاهتمام باللغة العربية، اللغة الأم في مجتمعاتها ونحن منها، بل وصلت مرحلة من التدهور غير مسبوقة، تجاوزت كل التحذيرات من «العولمة» وتداعياتها هنا أو هناك، وآثارها على أحد أهم أوعية الهوية الوطنية لأي مجتمع من المجتمعات ونعني اللغة، فكيف إذا كانت هذه اللغة التي أنزل الله بها كتابه المجيد.
أهلاً «نعمان».. و«افتح يا سمسم أبوابك» نحن نحتاجك.