بقلم - علي العمودي
تابعت جانباً من محاضرة للدكتور علي محمد الخوري، مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في أبوظبي مؤخراً حول «كوفيد- 19» والآثار الاقتصادية للأوبئة.
وهو من القامات والكفاءات العلمية الإماراتية التي نفخر بها، تجاوز المحلية إلى العالمية، وله مؤلفاته التي أثْرت كل ما يتعلق بالعالم والاقتصاد الرقمي، ويعد أول إماراتي يعمل مستشاراً لرئيس دولة أفريقية، في إطار حرص الإمارات على نقل خبراتها للدول الشقيقة والصديقة.
تحدث الرجل عن متطلبات النجاح لعبور المرحلة الجديدة في النظام العالمي الجديد بعد الجائحة، وهو رهن قدرة الحكومات على تبني عقلية أكثر ابتكاراً، مرتكزة على النتائج وقياس الأثر، وإعادة ترتيب أولوياتها وملفاتها الاستراتيجية.
وأكد أنه «لا يمكن استدامة الأمن الوطني دون استدامة الاقتصادي، ولا يمكن تحقيق أمن اجتماعي دون التعامل مع متغيرات الأمن الفكري والذي يجب أن يتم التأسيس له بممكنات المنظومة التعليمية والاجتماعية»، مشيراً لصعوبة تحقيق ذلك دون فهم احتياجات الإنسان، انطلاقاً من«هرم ماسلو» وقواعده الخمس المتعلقة بالحاجات الذاتية والاجتماعية والفسيولوجية والأمنية، والحاجة للتقدير، «والتي تعد أساس بناء المجتمعات المستدامة في رأيه».
وركز على جانب الأمن الفكري مقدماً نموذجاً لتأثير انتشار فيديو وفاة الأميركي جورج فلويد خنقاً تحت ركبة شرطي مينابوليس الشهر الماضي وتداعياته من مظاهرات وأعمال عنف وتخريب امتدت لمعظم الولايات المتحدة، بل واتخذت بعداً عالمياً بما يجسد دور وسائل الاتصال الحديثة في خلق الأزمات والمخاوف وصناعة الأفكار. وما يتطلبه الأمر من وقفة في سياق الأمن الوطني والفكري والاجتماعي، مثيراً التساؤلات حول بعض مظاهر الحياة اليوم، وما يتعلمه الشباب والأطفال في ساحات الألعاب الإلكترونية، خاصة المرتبطة باستعمال الأسلحة والمركبات العسكرية والفنون القتالية، والتخطيط في شن الهجمات والقيام بأعمال تخريبية، مسائل وأمور كانت وما زالت تدرس في المعاهد والكليات العسكرية، ولكنها أصبحت متاحة في ساحات الألعاب الافتراضية، مؤكداً أن المحتوى الرقمي أصبح أداة لتوجيه وترسيخ مبادئ وسلوكيات في غاية الخطورة، تنذر بعواقب خطيرة من شأنها هدم أمن واستقرار البلدان. وتذكرت محاضرة للدكتور مقصود كروز، المدير التنفيذي السابق للمركز الدولي لمكافحة التطرف العنيف «هداية»، عندما تحدث عن كيفية قيام تنظيم «داعش» الإرهابي في ذروة صعوده بتجنيد الأغرار عبر تلك الألعاب، وهي ليست مجرد لعبة أيها الأعزاء. وكل الشكر للدكتور الخوري، وهو يذكرنا لسد ثغرة خطيرة للغاية.