بقلم - علي العمودي
تابعت تقريراً، على موقع اقتصادي خليجي لموضوع من مجلة «فوربس» العالمية، عن علاقة الود والزمالة المفقودين بين الموظفين والعاملين في أقسام الموارد البشرية المعروفة اختصاراً بـ«الإتش آر» أو «HR»، رغم ما ذكره التقرير «بأن واحدة من المهام الرئيسية التي تضطلع بها تلك الأقسام في أي مؤسسة هي الاهتمام بالموظفين، بما في ذلك مستحقاتهم المالية، وأمور الرعاية الصحية، وحقوقهم الأخرى، وهو ما يفترض أن يزيد من محبة جميع الموظفين لمديري الموارد البشرية، إلا أن العكس هو الحاصل: معظم الموظفين، إن لم يكن جميعهم، يكرهون مديري الموارد البشرية والعاملين فيها.
الظاهرة تقريباً في كل مكان وليست في بلداننا الخليجية وحدها، وتتخذ أبعاداً مختلفة بحسب القوانين والإجراءات المتبعة والشفافية السائدة في مرافق العمل وأسبابها عديدة، ولعل في مقدمتها الطابع الاستعلائي لتعامل موظفي «الموارد البشرية» مع زملائهم، وعقلية المنّ التي تخلق لديهم الاعتقاد أنهم أصحاب الفضل في منح الوظيفة لهذا وتسريح ذاك، متناسين ومتجاوزين الواقع بأنهم أيضاً مجرد موظفين يتقاضون أجراً لخدمة بقية الموظفين.
أغلب الشركات تتسبب إداراتها العليا في بروز هذه العلاقة الشائكة، لعدم المتابعة الميدانية والاكتفاء بتقارير التمرير والاستبيانات المعلبة، بدلاً من استبيان ميداني للوقوف على مدى رضا وسعادة الموظفين في بيئة العمل، والتي يفترض أن تسودها الروح الإيجابية المحفزة للمزيد من العطاء والابتكار. كما أن المسميات الهلامية لموظفي الموارد البشرية ساهمت في إذكاء النزعة الطاووسية لديهم، لأنها بعيدة عن أرض الواقع وطبيعة الوظيفة.
قال التقرير: إن كره الموظفين لإدارة الموارد البشرية يرجع في الأساس إلى أن الهدف الأساسي لها في معظم الشركات أصبح حماية الشركة والاهتمام بمصالحها، دون الاهتمام بمشكلات الموظفين ومصالحهم، مما ينشر طاقة سلبية في بيئة العمل، بدلاً من الإيجابية المطلوب بثها داخل المؤسسة. وإنهم يقفون مكتوفي الأيدي عندما يحصل المشرفون غير الأكفاء على ترقية، ويسيئون معاملة الموظفين، ويهتمون باللوائح والعقود وبالمنصب أكثر من أي شيء آخر بدلاً من محاولة إزالة العقبات التي يواجهها الموظفون.
جاءت التعليقات على التقرير لتؤكد أن مفتاح إصلاح بيئة العمل في أي مرفق يبدأ من«الموارد البشرية»، على الرغم من تراجع أدوارها وفقاً للنظريات الإدارية الحديثة، مع توسع شركات عملاقة في الولايات المتحدة بإلغاء تلك الإدارات، وتحويلها لمجرد أقسام تنسيقية.